للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَوَلِّدِ مُتَفَرِّعٌ مِنَ الْأَصْلِ، وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ مُتَفَرِّعَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ مِنَ الْأُمِّ وَأُمُّهُمْ مُتَوَلِّدَةٌ مِنَ الْجِدِّ، فَكَانَتْ بِوَاسِطَةِ الْأُمِّ مُضَافَةً إِلَى الْجَدَّةِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَوْ قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَوْلَادِي، دَخَلَ فِيهِ الْبُطُونُ كُلُّهَا؛ لِعُمُومِ اسْمِ الْأَوْلَادِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَوْ قَالَ: هَذِهِ صَدَقَةٌ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَأَوْلَادِهِمْ، دَخَلَ فِيهِ الْبُطُونُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَثُرُوا الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فِيهِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: أَوْلَادُهُمْ، فَقَدْ ذَكَرَهُمْ مُضَافًا إِلَى أَوْلَادِهِ لَا إِلَى نَفْسِ الْوَاقِفِ، فَقَدْ ذَكَرَ أَوْلَادَهُمْ عَلَى الْعُمُومِ، فَيَقَعُ ذَلِكَ عَلَى الْبُطُونِ كُلِّهَا. انْتَهَى.

فَعُلِمَ أَنَّ الْوَاقِفَ وَمَنْ وَثَّقَ عَنْهُ اقْتَصَرَ عَلَى لَفْظِ الْأَوْلَادِ فِي الْوَقْفِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ شَامِلٌ لِجَمِيعِ نَسْلِهِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ، وَزَادَ هَذَا الْمُرَادَ إِيضَاحًا تَنْصِيصُهُ عَلَى شَرْطٍ يَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْفُرُوعِ النَّازِلَةِ، فَعُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ، جَمِيعُ نَسْلِهِ مِنْ صُلْبِهِ وَمَنْ سَفَلَ، فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَكُونُ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ، يَكُونُ مُرَادًا بِهِ جَمِيعُ الْإِنَاثِ مِنْ نَسَلِهِ، مَنْ كَانَتْ لِصُلْبِهِ وَبَنَاتُ بَنِيهِ، وَخَرَجَ بَنَاتُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتُ بَنَاتِ بَنِيهِ، بِالشَّرْطِ الَّذِي شَرَطَهُ، وَيُرَشَّحُ أَنَّ الْوَاقِفَ وَالْمُوَثِّقَ مَشِيَا فِي لَفْظِ أَوْلَادِهِ عَلَى الشُّمُولِ، بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِمَا أَنَّ عِبَارَةَ الْوَاقِفِ وَجِيزَةٌ جِدًّا لَيْسَ فِيهَا إِلَّا هَذَا الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ فِي السُّؤَالِ مِنْ غَيْرِ بَسْطٍ وَلَا إِطْنَابٍ كَمَا يَفْعَلُهُ مُوَثِّقُو بِلَادِنَا.

الْأَمْرُ السَّادِسُ: أَنَّ الَّذِي زَعَمَ إِخْرَاجَ بَنَاتِ الْبَنِينَ مِنَ الْبَنِينَ مُتَمَسِّكًا بِمَا تَمَسَّكَ بِهِ، أَخْطَأَ خَطَأً ثَانِيًا بَعْدَ خَطَئِهِ أَوَّلًا حَيْثُ رَامَ إِخْرَاجَهُمْ مِنْ لَفْظِ الْأَوْلَادِ مَعَ دُخُولِهِمْ فِيهِ فِي مَذْهَبِهِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا نَظَرَ إِلَى قَوْلِ الْوَاقِفِ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ يَكُونُ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ، فَإِنْ أَخَذَ لَفْظَ أَوْلَادِهِ فِي الشِّقَّيْنِ عَلَى الْعُمُومِ فِي أَوْلَادِ الصُّلْبِ وَأَوْلَادِ الْبَنِينَ فَهُوَ الْمُدَّعِي، وَيَلْزَمُهُ أَنْ يُعْطِيَ بَنَاتِ الْبَنِينَ، وَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى الْخُصُوصِ فِيهِمَا بِأَوْلَادِ الصُّلْبِ قُلْنَا لَهُ: يَا غَافِلُ يَلْزَمُكَ أَنْ لَا تُعْطِيَ مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ أَحَدًا، فَإِنَّهُ رَتَّبَ عَلَى فَقْدِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ إِعْطَاءَ أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ، وَقَدْ جَعَلْتَ الْأَوْلَادَ فِيهِمَا خَاصًّا بِالصُّلْبِيَّةِ، فَلَزِمَ أَنْ تُعْطِيَ بَنَاتِ الصُّلْبِ عِنْدَ فَقْدِ ذُكُورِ الصُّلْبِ وَتَصْرِفَهُ إِلَى الْجَامِعِ عِنْدَ فَقْدِ إِنَاثِ الصُّلْبِ، وَيَذْهَبُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ خَائِبِينَ، فَيَبْقَى قَوْلُ الْوَاقِفَ: وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِمُ الذُّكُورِ، لَاغِيًا لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى الْعُمُومِ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَهُوَ تَحَكُّمٌ بَحْتٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ، أَيْ: مِنْ فُرُوعِهِ، صُلْبِيَّةٍ وَمَنْ سَفَلَ، يَكُونُ وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ، أَيْ: فُرُوعِهِ صُلْبِيَّةٍ وَمَنْ سَفَلَ. هَذَا مَا سَنَحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>