للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ تَزَوَّجَ بِكْرًا بَالِغَةً، فَنَذَرَتْ أَنْ لَا تُطَالِبَهُ بِنَفْسِهَا وَلَا بِوَكِيلِهَا بِبَقِيَّةِ حَالِّ صَدَاقِهَا عَلَيْهِ مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ، وَذَلِكَ بِحُضُورِ وَالِدِهَا وَاعْتِرَافِهِ بِجَوَازِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا وَحَكَمَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ حَاكِمٌ شَافِعِيٌّ، فَهَلْ هَذَا نَذْرُ تَبَرُّرٍ أَوْ لَا؟ وَهَلِ النَّذْرُ يَصِحُّ مِنَ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جَائِزَ التَّصَرُّفِ؟ وَهَلْ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ هَذَا النَّذْرِ وَتُطَالِبَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ؟ وَهَلِ اعْتِرَافُ وَالِدِهَا بِجَوَازِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا قَرِينَةٌ عَلَى رُشْدِهَا؟

الْجَوَابُ: إِنَّمَا يَصِحُّ النَّذْرُ الْمَالِيُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ الْبَالِغَةُ رَشِيدَةً صَحَّ مِنْهَا هَذَا النَّذْرُ، وَكَانَ نَذْرَ تَبَرُّرٍ، وَلَيْسَ لَهَا الرُّجُوعُ عَنْهُ وَلَا الْمُطَالَبَةُ، وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مِنْهَا وَلَا مِنَ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ عَنِ الصَّدَاقِ، عَلَى الْجَدِيدِ، وَأَمَّا هَلِ اعْتِرَافُ وَالِدِهَا بِجَوَازِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا قَرِينَةُ رُشْدِهَا؟ فَالَّذِي يَظْهَرُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ رُشْدِهَا وَهُوَ كَوْنُهُ مَصْلَحَةً لِدِينِهَا وَمَالِهَا بِطَرِيقِهِ الشَّرْعِيِّ.

مَسْأَلَةٌ: فِيمَا إِذَا أَصْدَقَهَا صَدَاقًا مُسَمًّى عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ، ثُمَّ وَطِئَهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِوَطْئِهِ وَاعْتَرَفَ هُوَ أَنَّهُ وَطِئَهَا فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا، فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى لِحُصُولِ الْوَطْءِ أَوْ مَهْرَ مِثْلِ ثَيِّبٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَمْتِعْ إِلَّا بِثَيِّبٍ؟ وَهَلْ هَذِهِ هِيَ الْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ قَوْلِهِمُ: الْقَوْلُ قَوْلُ نَافِي الْوَطْءِ إِلَّا فِي مَسَائِلَ، مِنْهَا: إِذَا تَزَوَّجَهَا بِشَرْطِ الْبَكَارَةِ وَادَّعَتْ أَنَّهُ أَزَالَ بَكَارَتَهَا، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ، وَقَوْلُهُ لِدَفْعِ كَمَالِ الْمَهْرِ، أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا اعْتِرَافٌ بِالْوَطْءِ، وَالْمُسْتَثْنَاةُ مِنْ كَلَامِهِمْ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ؟ .

الْجَوَابُ: عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَلَوْ قَالَتْ: كَنْتُ بِكْرًا فَافْتَضَّنِي، فَأَنْكَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا لِدَفْعِ الْفَسْخِ، وَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِدَفْعِ كَمَالِ الْمَهْرِ، فَقَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ، صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: أَنْ يُنْكِرَ الْوَطْءَ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَنْ يُنْكِرَ الِافْتِضَاضَ الَّذِي هُوَ إِزَالَةُ الْبَكَارَةِ فَقَطْ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِوُقُوعِ الْوَطْءِ، فَعَلَى هَذَا تَسْتَوِي الصُّورَتَانِ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ تَصْدِيقُهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَهْرِ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ قَرِينَةً لِتَصْدِيقِهَا، فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَشْبَهُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: الْقَوْلُ قَوْلُ نَافِي الْوَطْءِ إِلَّا فِي مَسَائِلَ، مِنْهَا كَذَا، إِلَى آخِرِهِ، فَهَذِهِ عِبَارَةُ أَصْحَابِ الْأَشْبَاهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>