للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكَرِيمُ بِشَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ وَفِيهِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَا فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَلَا فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَلَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتِهَا؟ فَالْجَوَابُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَفِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَظِيمٌ، وَهُوَ أَنْ خَلْقَ الْأَقْوَاتِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْفَوَاكِهِ وَالْخَيْرَاتِ الَّتِي يَمْتَدُّ بِهِ بَنُو آدَمَ وَيَحْيَوْنَ وَتَطِيبُ بِهَا نُفُوسُهُمْ.

الثَّانِي: أَنَّ فِي لَفْظَةِ رَبِيعٍ إِشَارَةً وَتَفَاؤُلًا حَسَنًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى اشْتِقَاقِهِ، وَقَدْ قَالَ أبو عبد الرحمن الصقلي: لِكُلِّ إِنْسَانٍ مِنِ اسْمِهِ نَصِيبٌ.

الثَّالِثُ: أَنَّ فَصْلَ الرَّبِيعِ أَعْدَلُ الْفُصُولِ وَأَحْسَنُهَا، وَشَرِيعَتُهُ أَعْدَلُ الشَّرَائِعِ وَأَسْمَحُهَا.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْحَكِيمَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يُشَرِّفَ بِهِ الزَّمَانَ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ، فَلَوْ وُلِدَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا لَكَانَ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَتَشَرَّفُ بِهَا. تَمَّ الْكِتَابُ، وَلَلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

[بَابُ الْخُلْعِ]

مَسْأَلَةٌ: رَجُلٌ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: ائْتِ بِشَاهِدٍ لِأُبْرِئَكَ وَطَلِّقْنِي، فَأَتَى لَهَا بِهِ، فَقَالَتْ: أَبْرَأْتُكَ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَقَالَتْ لَهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

الْجَوَابُ: إِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ الْقَدْرَ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ صَحَّتِ الْبَرَاءَةُ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ، وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ نَجَّزَهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، فَالظَّاهِرُ وُقُوعُهُ، صَحَّتِ الْبَرَاءَةُ أَمْ لَا، وَلَا يَنْفَعُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ جَمِيعِ مَا يَلْزَمُنِي لَكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَبْرَأَتْهُ، ثُمَّ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ ثَلَاثِ دَرَجٍ، قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، فَهَلْ تَبِينُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ أَوْ يَقَعُ رَجْعِيًّا؟ وَإِذَا قُلْتُمْ بِعَدَمِ الْبَيْنُونَةِ لِكَوْنِ الْإِبْرَاءِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، فَهَلْ تَبِينُ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، الثَّانِيَةِ الَّذِي قَالَهَا بَعْدَ الْإِبْرَاءِ، وَهَلْ يَقَعُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ يَقَعَا رَجْعَتَيْنِ وَتَلْحَقُهُ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ؟

الْجَوَابُ: إِنْ كَانَ الْقَدْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْهُ مَعْلُومًا صَحَّتِ الْبَرَاءَةُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَمْ يَلْحَقْ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، ثُمَّ قَوْلُهُ بَعْدُ: أَنْتِ طَالِقٌ، يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ، ثُمَّ تَكْمُلُ الثَّلَاثُ بِقَوْلِهِ، بَعْدَ أَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَقَوْلُ السَّائِلِ: لِكَوْنِ الْإِبْرَاءِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقُ، لَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ، بَلْ هِيَ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْإِبْرَاءِ، فَالْإِبْرَاءُ مُعَلَّقٌ عَلَيْهِ لَا مُعَلَّقٌ، فَلْيُفْهَمْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَتِ الزَّوْجَةُ: إِنْ طَلَّقْتَنِي، فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>