للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ طَلَاقًا بَائِنًا، وَاسْتَمَرَّتْ نَحْوَ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَادَّعَتْ أَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ مِنْهُ عَلَى حَمْلٍ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ؟ وَهَلِ الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، أَوْ يَحْتَاجُ إِلَى بَيِّنَةٍ؟ وَهَلْ يَثْبُتُ مَوْتُ الْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا؟ وَإِذَا ثَبَتَ مَوْتُهُ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْمُطَلَّقَةُ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إِذَا وَضَعَتْهُ مَيِّتًا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ وَهَلْ لِلْمُطَلِّقِ أَنْ يَسْأَلَ الْبَيِّنَةَ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ؟ وَإِذَا سَأَلَهَا، وَكَانَتْ لَا تُحْسِنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهَلْ يَكُونُ قَادِحًا فِي الشَّهَادَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ إِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ وَادَّعَتْ أَنَّهُ مِنَ الْمُطَلِّقِ يُلْحَقُ بِهِ أَمْ لَا.

الْجَوَابُ: إِذَا طُلِّقَتِ النَّاشِزُ وَهِيَ حَامِلٌ فَفِي اسْتِحْقَاقِهَا النَّفَقَةَ رَأْيَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ هَلْ هِيَ لِلْحَمْلِ، أَوْ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ. فَإِنْ قُلْنَا: لِلْحَمْلِ اسْتَحَقَّتْ، أَوْ لَهَا بِسَبَبِهِ لَمْ تَسْتَحِقَّ، وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَظْهَرُ، وَهُوَ أَنَّهَا لَهَا فَلَا تَسْتَحِقُّ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ أَيْضًا مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. فَإِنْ قُلْنَا: لِلْحَمْلِ لَمْ تَجِبْ لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَهَا وَجَبَتْ، أَعْنِي: فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ صُورَةُ النُّشُوزِ، وَقَدَرُ الْوَاجِبِ أَيْضًا مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ، فَإِنْ قُلْنَا: لِلْحَمْلِ فَالْوَاجِبُ الْكِفَايَةُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ.

وَإِنْ قُلْنَا لَهَا: فَالْوَاجِبُ مُقَدَّرٌ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَجِبُ حَالَةَ الْعِصْمَةِ، وَيَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَالتَّوَسُّطِ، وَهَذَا أَيْضًا فِي غَيْرِ صُورَةِ النُّشُوزِ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ النَّاشِزَ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَالْفُرُوعُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فَرْعًا، سُقْتُهَا فِي تَأْلِيفِي الْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهَا خَرَجَتْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَأَنْكَرَتْ فَمُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْعَدَدِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، لَكِنَّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي النَّفَقَاتِ، لَوِ ادَّعَى الزَّوْجُ النُّشُوزَ وَأَنْكَرَتْ فَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النُّشُوزِ.

وَأَمَّا ثُبُوتُ مَوْتِ الْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِالْبَيِّنَةِ فَقَدْ رَجَّحُوا ثُبُوتَ الْحَمْلِ نَفْسِهِ بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ مَخَائِلَ وَقَرَائِنَ يَظْهَرُ بِهَا، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ مَوْتَهُ فِي الْبَطْنِ أَيْضًا يَثْبُتُ بِهَا؛ لِأَنَّ لِذَلِكَ مَخَائِلَ يَعْرِفُهَا النِّسَاءُ وَالْأَطِبَّاءُ، وَإِذَا ثَبَتَ مَوْتُهُ، أَوْ وُضِعَ مَيِّتًا اسْتَحَقَّتِ النَّفَقَةَ وَالْكُسْوَةَ إِلَى آخِرِ يَوْمِ الْوَضْعِ، بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا لَا لِلْحَمْلِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ صُورَةِ النُّشُوزِ، وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقْدَحَ فِي الْبَيِّنَةِ بِالْفِسْقِ، وَيُفَسِّرَ ذَلِكَ بِالتَّقْصِيرِ فِي تَعَلُّمِ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ قَادِحًا فِي عَدَالَتِهِ وَشَهَادَتِهِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا يَلْزَمُ تَعَلُّمُهُ إِجْمَاعًا، أَوْ فِي مُعْتَقَدِهِ، فَإِنْ كَانَ مُقَلِّدًا مَنْ لَا يَرَى لُزُومَ تَعَلُّمِ الْفَاتِحَةِ لَمْ يَفْسُقْ بِتَرْكِ تَعَلُّمِهَا، وَكَذَا لَوْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ حِفْظُهَا فَإِنَّهُ يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ، وَيَأْتِي بِالْبَدَلِ فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>