للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِمِنًى وَصَلَّى بِهِمْ فِيهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ سَارَ بِهِمْ إِلَى نَمِرَةَ عَلَى طَرِيقِ ضَبٍّ، وَنَمِرَةُ خَارِجَةٌ عَنْ عَرَفَةَ مِنْ يَمَانِيِّهَا وَغَرْبِيِّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْحَرَمِ وَلَا مِنْ عَرَفَةَ، فَنُصِبَتْ لَهُ الْقُبَّةُ بِنَمِرَةَ، وَهُنَاكَ كَانَ يَنْزِلُ خُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ، وَبِهَا الْأَسْوَاقُ وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ وَالْأَكْلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ. فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ رَكِبَ هُوَ وَمَنْ رَكِبَ مَعَهُ وَسَارَ وَالْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمُصَلَّى بِبَطْنِ عُرَنَةَ. حَيْثُ قَدْ بُنِيَ الْمَسْجِدُ، وَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْحَرَمِ وَلَا مِنْ عَرَفَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ بَرْزَخٌ بَيْنَ الْمَشْعَرَيْنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ هُنَاكَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقِفِ نَحْوُ مِيلٍ، فَخَطَبَ بِهِمْ خُطْبَةَ الْحَجِّ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَكَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَقْصُورَتَيْنِ مَجْمُوعَتَيْنِ، ثُمَّ سَارَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ إِلَى الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الْجَبَلِ الْمَعْرُوفِ بِجَبَلِ الرَّحْمَةِ، وَاسْمُهُ "إِلَالٌ" عَلَى وَزْنِ هِلَالٍ، وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَامَّةُ عَرَفَةَ. فَلَمْ يَزَلْ هُوَ وَالْمُسْلِمُونَ فِي الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إِلَى أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَدَفَعَ بِهِمْ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ قَبْلَ حَطِّ الرِّحَالِ حَيْثُ نَزَلُوا بِمُزْدَلِفَةَ، وَبَاتَ بِهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَصَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ الْفَجْرَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا مُغَلِّسًا بِهَا زِيَادَةً عَلَى كُلِّ يَوْمٍ، ثُمَّ وَقَفَ عِنْدَ " قُزَحَ " وَهُوَ جَبَلُ مُزْدَلِفَةَ الَّذِي يُسَمَّى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، وَإِنْ كَانَتْ مُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا هِيَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ الْمَذْكُورُ فِي الْقُرْآنِ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا بِالْمُسْلِمِينَ إِلَى أَنْ أَسْفَرَ جِدًّا، ثُمَّ دَفَعَ بِهِمْ حَتَّى قَدِمَ مِنًى، فَاسْتَفْتَحَهَا بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى فَحَلَقَ رَأْسَهُ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً مِنَ الْهَدْيِ الَّذِي سَاقَهُ، وَأَمَرَ عليا فَنَحَرَ الْبَاقِي، وَكَانَ مِائَةَ بَدَنَةٍ، ثُمَّ أَفَاضَ إِلَى مَكَّةَ، فَطَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ، وَكَانَ قَدْ عَجَّلَ ضَعَفَةَ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ

<<  <   >  >>