للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي [مِنَ الْجِذَاذِ، كَمَا عَلَى بَائِعِ الزَّرْعِ تَمَامُ سَقْيِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ الْمُشْتَرِي] مِنَ الْحَصَادِ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ تَمَامِ التَّوْفِيَةِ، وَمُؤْنَةُ التَّوْفِيَةِ عَلَى الْبَائِعِ، كَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَأَمَّا الْمُكْرِي لَهَا لِمَنْ يَخْدِمُهَا حَتَّى تُثْمِرَ، فَهُوَ كَمُكْرِي الْأَرْضِ لِمَنْ يَخْدِمُهَا حَتَّى تَنْبُتَ، لَيْسَ عَلَى الْمُكْرِي عَمَلٌ أَصْلًا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ التَّمْكِينُ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ.

وَلَكِنْ يُقَالُ: طَرْدُ هَذَا: أَنْ يَجُوزَ إِكْرَاءُ الْبَهَائِمِ لِمَنْ يَعْلِفُهَا وَيَسْقِيهَا وَيَحْتَلِبُ لَبَنَهَا.

قِيلَ: إِذَا جَوَّزْنَا عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنْ تُدْفَعَ الْمَاشِيَةُ إِلَى مَنْ يَعْلِفُهَا وَيَسْقِيهَا بِجُزْءٍ مِنْ دَرِّهَا وَنَسْلِهَا جَازَ دَفْعُهَا إِلَى مَنْ يَعْمَلُ عَلَيْهَا لِدَرِّهَا وَنَسْلِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ.

وَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَازَ إِجَارَتُهَا لِاحْتِلَابِ لِبَنِهَا كَمَا جَازَ إِجَارَةُ الظِّئْرِ؟

قِيلَ: إِجَارَةُ الظِّئْرِ أَنْ تُرْضِعَ بِعَمَلِ صَاحِبِهَا لِلْغَنَمِ ; لِأَنَّ الظِّئْرَ هِيَ الَّتِي تُرْضِعُ الطِّفْلَ، فَإِذَا كَانَتْ هِيَ الَّتِي تُوَفِّي الْمَنْفَعَةَ فَنَظِيرُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُؤَجِّرُ هُوَ الَّذِي يُوَفِّي مَنْفَعَةَ الْإِرْضَاعِ، وَحِينَئِذٍ فَالْقِيَاسُ: جَوَازُهُ. وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ غَنَمٌ فَاسْتَأْجَرَ غَنَمَ رَجُلٍ لِيُرْضِعَهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا مُمْتَنِعًا. وَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ هُوَ الَّذِي يَحْلِبُ اللَّبَنَ، أَوْ هُوَ الَّذِي يَسْتَوْفِيهِ، فَهَذَا مُشْتَرٍ اللَّبَنَ، لَيْسَ مُسْتَوْفِيًا لِمَنْفَعَةٍ، وَلَا مُسْتَوْفِيًا لِلْعَيْنِ بِعَمَلٍ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِاشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ، وَاحْتِلَابُهُ كَقِطَافِهَا، وَهُوَ الَّذِي نَهَى

<<  <   >  >>