للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُبْتَلَى بِهِ آخَرُونَ، فَإِنَّ فِعْلَ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ دُونَ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ هُوَ الْوَسَطُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.

وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَنْبَنِي مَسَائِلُ الْهِجْرَةِ وَالْعَزْمِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَسْأَلَةِ الْإِمَامَةِ بِحَيْثُ لَا يُفْعَلُ [إِلَّا مَا تَسَعُ الْقُدْرَةُ] .

وَلِهَذَا كَانَ أحمد فِي الْمَنْصُوصِ عَنْهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُونَ بِجَوَازِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ لِلْحَاجَةِ، كَمَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ الْمُفْتَرِضُ غَيْرَ قَارِئٍ، كَمَا فِي حَدِيثِ عمرو بن سلمة ومعاذ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُجَوِّزُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ عَلَى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، فَأَمَّا إِذَا جَوَّزَهُ مُطْلَقًا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ لَا يُجَوِّزُهُ بِحَالٍ.

فَصَارَتِ الْأَقْوَالُ فِي مَذْهَبِهِ وَغَيْرِ مَذْهَبِهِ ثَلَاثَةً، وَالْمَنْعُ مُطْلَقًا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أبي حنيفة ومالك، كَمَا أَنَّ الْجَوَازَ مُطْلَقًا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

وَيُشْبِهُ هَذَا مُفَارَقَةَ الْمَأْمُومِ إِمَامَهُ قَبْلَ السَّلَامِ، فَعَنْهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: أَوْسَطُهَا جَوَازُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ، كَمَا تَفْعَلُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَكَمَا فَعَلَ الَّذِي طَوَّلَ عَلَيْهِ معاذ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ لَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ طُولُ الصَّلَاةِ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، كَقَوْلِ أبي حنيفة، وَالرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ: الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ؛ وَلِهَذَا جَوَّزَ أحمد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَؤُمُّ الرِّجَالَ لِحَاجَةٍ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قَارِئَةً وَهُمْ غَيْرُ قَارِئِينَ، فَتُصَلِّي بِهِمُ التَّرَاوِيحَ، كَمَا «أَذِنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <   >  >>