للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَفْسَهُ وَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَالٍ لَمْ يَنْعَزِلْ بِالْعَزْلِ كَمَا أَنَّ الرَّسُولَ لَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِ مَنْ بَايَعَهُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْ الْجَمِيعِ لَا عَنْ أَهْلِ الْبَيْعَةِ وَحْدَهُمْ، وَهَلْ لَهُمْ عَزْلُهُ إذَا كَانَ بِسُؤَالِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ عَزْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ سُؤَالِهِ لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ خِلَافٍ، هَذَا [ظَاهِرُ] مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ كَالْجَيْحُونِ مِنْ تَوْلِيَتِهِ فَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنْهُ كَالْوَزِيرِ فَإِنَّهُ كَالْوَكِيلِ لَهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ وَإِنْ كَانَ نَائِبًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ كَالْأَمِيرِ الْعَامِّ لَمْ يَنْعَزِلْ بِمَوْتِ الْإِمَامِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فَأَمَّا الْقُضَاةُ فَهَلْ هُمْ نُوَّابُ الْإِمَامِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَعْرُوفَانِ يَنْبَنِي عَلَيْهِمَا جَوَازُ عَزْلِ الْإِمَامِ لَهُ وَعَزْلِهِ لِنَفْسِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ أَنَّ الْخِلَافَ مُطَّرِدٌ فِي وِلَايَةِ الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْبِلَادِ وَجِبَايَةِ الْخَرَاجِ.

وَأَمَّا نُوَّابُ الْقَاضِي فَنَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَنْ وِلَايَتُهُ خَاصَّةٌ كَمَنْ فَوَّضَ إلَيْهِ سَمَاعَ شَهَادَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ إحْضَارَ الْمُسْتَعْدَى عَلَيْهِ فَهُمْ كَالْوُكَلَاءِ يَنْعَزِلُونَ بِعَزْلِهِ وَمَوْتِهِ.

وَالثَّانِي: مَنْ وِلَايَتُهُ عَامَّةٌ كَخُلَفَائِهِ وَأُمَنَائِهِ عَلَى الْأَطْفَالِ وَنُوَّابِهِ عَلَى الْقُرَى فَهَلْ هُمْ بِمَنْزِلَةِ وُكَلَائِهِ أَوْ نُوَّابِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْآمِدِيُّ، وَصَحَّحَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ عَدَمَ الِانْعِزَالِ، وَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُمْ يَنْعَزِلُونَ لِأَنَّهُمْ نُوَّابُ الْقَاضِي بِخِلَافِ الْقُضَاةِ فَإِنَّهُمْ نُوَّابٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ نَصْبُ الْقُضَاةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْقُضَاةِ الِاسْتِنَابَةُ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْقَضَاءَ لَيْسَ بِفَرْضِ كِفَايَةٍ عَلَى رِوَايَةٍ وَلَا يَجِبُ نَصْبُ قَاضٍ بِالْكُلِّيَّةِ وَبِأَنَّ الْوُجُوبَ لَا يَتَعَلَّقُ بِمُعَيَّنٍ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي عَدَمِ نُفُوذِ الْعَزْلِ وَلِهَذَا مَنْ عِنْدَهُ وَدَائِعُ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ خَفِيَّةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْمَوْتِ بِأَدَائِهَا وَلَهُ عَزْلُ الْمُوصَى إلَيْهِ بِذَلِكَ وَاسْتِبْدَالُهُ ; وَأَمَّا الْمُتَصَرِّفُ تَصَرُّفًا خَاصًّا بِتَفْوِيضِ مَنْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَنَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُفَوِّضُ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ فَإِذَا عَقَدَ عَقْدًا جَائِزًا أَوْ مُتَوَقَّعَ الِانْفِسَاخِ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالْوِكَالَة وَإِجَارَةِ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ إذَا أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ أَنْ يُوَكِّلَ فَيَكُونُ وَكِيلُهُ وَكِيلًا لِمُوَكِّلِهِ لَا لَهُ.

وَالثَّانِي: مَنْ يُفَوِّضُ حُقُوقَ نَفْسِهِ فَهَذِهِ وَكَالَةٌ مَحْضَةٌ

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ فِيمَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالسِّتُّونَ) : فِيمَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَزْلِ، الْمَشْهُورُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَنْعَزِلُ بِمَوْتٍ أَوْ عَزْلٍ هَلْ يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَمْ يَقِفُ عَزْلُهُ عَلَى عِلْمِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْوَكِيلُ وَغَيْرُهُ وَالْإِذْنُ لِلزَّوْجَةِ أَوْ الْعَبْدِ فِيمَا لَا يَمْلِكَانِهِ بِدُونِ إذْنٍ إذَا وُجِدَ بَعْدَهُ نَهْيٌ لَمْ يَعْلَمَاهُ مُخَرَّجٌ عَلَى الْوَكِيلِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَكَذَلِكَ إذْنُ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ فِي التَّصَرُّفِ إذَا مُنِعَ مِنْهُ قَبْلَ تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ وَلَمْ يَعْلَمْ، وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ

<<  <   >  >>