للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَدْ سَبَقَتْ وَمِنْهَا الْفَسْخُ بِالْخِيَارِ يَمْلِكُهُ مَنْ يَمْلِكُ الْخِيَارَ بِغَيْرِ عِلْمِ الْآخَرِ عِنْدَ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ فِيهَا وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَهُ فِي الْمُدَّةِ مِنْ عَزْلِ الْوَكِيلِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ يَتَصَرَّفُ بِالْفَسْخِ لِنَفْسِهِ، وَهَذِهِ الْفُسُوخُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ثُبُوتِ أَصْلِ الْفَسْخِ بِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ بِهِ عَلَى حَاكِمٍ كَسَائِرِ مَا ذَكَرْنَا.

وَالثَّانِي: مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَالْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ وَالْعُيُوبِ فِي الزَّوْجِ وَغَيْبَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَفْتَقِرُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ لِأَنَّهَا أُمُورٌ اجْتِهَادِيَّةٌ فَإِنْ كَانَ الْخِلَافُ ضَعِيفًا يَسُوغُ نَقْضُ الْحُكْمِ بِهِ لَمْ يَفْتَقِرْ الْفَسْخُ بِهِ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَخْذُ بَائِعِ الْمُفْلِسِ سِلْعَتَهُ إذَا وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا وَفِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى نَقْضِ الْحُكْمِ بِخِلَافِهِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ لَهُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ تَزَوُّجُ امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ فَإِنَّ فِي تَوَقُّفِ فَسْخِ نِكَاحِهَا عَلَى الْحَاكِمِ رِوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ تَتَزَوَّجُ وَإِنْ لَمْ تَأْتِ السُّلْطَانَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَأْتِيَهُ وَلَعَلَّهُ رَأَى الْحُكْمَ بِخِلَافِهِ لَا يَسُوغُ لِأَنَّهُ إجْمَاعُ عُمَرَ وَالصَّحَابَةِ، وَرَجَّحَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ جَمِيعَ الْفُسُوخِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى حَاكِمٍ.

[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ مَنْ تَوَقَّفَ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ أَوْ سُقُوطُ الضَّمَانِ أَوْ الْحِنْثِ عَنْهُ عَلَى الْإِذْنِ فَتَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ]

(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَة وَالسِّتُّونَ) : مَنْ تَوَقَّفَ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ أَوْ سُقُوطُ الضَّمَانِ أَوْ الْحِنْثِ عَنْهُ عَلَى الْإِذْنِ فَتَصَرَّفَ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِذْنَ كَانَ مَوْجُودًا هَلْ يَكُونُ كَتَصَرُّفِ الْمَأْذُونِ لَهُ أَوْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ تَتَخَرَّجُ عَلَيْهِمَا صُوَرٌ: مِنْهَا لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِعَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

وَمِنْهَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ تَعْلَمْ بِإِذْنِهِ فَخَرَجَتْ فَهَلْ تَطْلُقُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ،: وَأَشْهَرُهُمَا - هُوَ الْمَنْصُوصُ - أَنَّهَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ خُرُوجُهَا عَلَى وَجْهِ الْمُشَاقَّةِ وَالْمُخَالَفَةِ فَإِنَّهَا أَقْدَمَتْ عَلَى ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْإِذْنَ هُنَا إبَاحَةٌ بَعْدَ حَظْرٍ فَلَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا بِدُونِ عِلْمِهَا كَإِبَاحَةِ الشَّرْعِ، وَلِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ طَرِيقَةٌ ثَانِيَةٌ وَهِيَ أَنَّ دَعْوَاهُ الْإِذْنَ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الظَّاهِرِ فَلَوْ أَشْهَدَ عَلَى الْإِذْنِ لَنَفَعَهُ ذَلِكَ وَلَمْ تَطْلُقْ وَهَذَا ضَعِيفٌ.

وَمِنْهَا لَوْ أَذِنَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي التَّصَرُّفِ فَتَصَرَّفَ بَعْدَ الْإِذْنِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ فَهَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا؟ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي التَّوْكِيلِ وَأَوْلَى وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ بِعَدَمِ النُّفُوذِ.

وَمِنْهَا لَوْ غَصَبَ طَعَامًا مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ أَبَاحَهُ لَهُ الْمَالِكُ ثُمَّ أَكَلَهُ الْغَاصِبُ غَيْرَ عَالَمٍ بِالْإِذْنِ

<<  <   >  >>