للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ضَمِنَ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الِاعْتِقَادِ فِيمَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ كَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَتَبَيَّنَتْ زَوْجَتَهُ فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ عَلَيْهِ وَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِصْحَابِ أَصْلِ الضَّمَانِ مَعَ زَوَالِ سَبَبِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ فِي الصَّوْمِ يَظُنُّ الشَّمْسَ لَمْ تَغْرُبْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ غَرَبَتْ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَيَلْتَحِقُ بِهَذِهِ.

[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ مَنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْء يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهُ]

(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَة وَالسِّتُّونَ) : وَهِيَ مَنْ تَصَرَّفَ فِي شَيْءٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهُ، وَفِيهَا خِلَافٌ أَيْضًا وَيَنْدَرِجُ تَحْتَهَا صُوَرٌ: مِنْهَا لَوْ بَاعَ مِلْكَ أَبِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ قَدْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَفِي صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَجْهَانِ وَيُقَالُ رِوَايَتَانِ.

وَمِنْهَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا أَجْنَبِيَّةً فَتَبَيَّنَتْ زَوْجَتَهُ فَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ رِوَايَتَانِ، وَبَنَاهُمَا أَبُو بَكْرٍ عَلَى أَنَّ الصَّرِيحَ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَمْ لَا؟ قَالَ الْقَاضِي إنَّمَا هَذَا الْخِلَافُ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ بِأَهْلِيَّةِ الْمَحَلِّ وَلَا يَطَّرِدُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ

وَمِنْهَا لَوْ لَقِيَ امْرَأَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ تَنَحِّي يَا حُرَّةُ فَإِذَا هِيَ أَمَتُهُ وَفِيهَا الْخِلَافُ أَيْضًا، وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ وَفِي الْمُغْنِي احْتِمَالُ التَّفْرِيقِ لِأَنَّ هَذَا يُقَالُ كَثِيرًا فِي الطَّرِيقِ وَلَا يُرَادُ بِهِ الْعِتْقُ.

وَهَذَا مَعَ إطْلَاقِ الْقَصْدِ فَأَمَّا إنْ قَصَدَ بِهِ الْمَدْحَ بِالْعِفَّةِ وَنَحْوِهَا فَلَيْسَتْ مِنْ الْمَسْأَلَةِ بِشَيْءٍ وَيَتَنَزَّلُ الْخِلَافُ فِي هَذَا عَلَى [أَنَّ] الرِّضَا بِغَيْرِ الْمَعْلُومِ هَلْ هُوَ رِضًى مُعْتَبَرٌ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ اعْتِبَارُهُ.

وَمِنْهَا لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ [عَلَيْهِ] ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَفِيهَا الْوَجْهَانِ

وَمِنْهَا لَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَعَفَا عَنْ الْقِصَاصِ وَسِرَايَتِهِ ثُمَّ سَرَى إلَى نَفْسِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ؟ يُخَرَّجُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّين فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ وَبَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ هَلْ يَجِبُ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ كَالدِّيَةِ، وَجَزَمَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ هَهُنَا.

وَمِنْهَا لَوْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ قَبْلَ الزَّمَانِ الْمُعْتَبَرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مَيْتًا قَبْلَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ تَنْقَضِي فِيهَا الْعِدَّةُ أَوْ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ الْوَجْهَانِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمُغْنِي عَدَمَ الصِّحَّةِ هُنَا لِفَقْدِ شَرْطِ النِّكَاحِ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ الْمُرْتَابَةُ قَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ.

وَمِنْهَا لَوْ أَمَرَهُ غَيْرُهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ يَظُنُّ أَنَّهُ لِلْآمِرِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَفِي التَّلْخِيصِ يَحْتَمِلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى مَنْ

<<  <   >  >>