للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّطَوُّعِ وَانْقَلَبَتْ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ.

(وَمِنْهَا) لَوْ حَجَّ عَنْ نَذْرِهِ أَوْ عَنْ نَفْلٍ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ حَجَّةٍ فَاسِدَةٍ وَقَعَتْ عَنْ الْقَضَاءِ دُونَ مَا نَوَاهُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا، فَأَمَّا إنْ تَنَفَّلَ بِالْحَجِّ بَعْدَ قَضَاءِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَقَبْلَ الِاعْتِمَارِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا.

قَالَ فِي التَّلْخِيصِ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ النُّسُكَ هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا، فَإِنْ قُلْنَا عَلَى الْفَوْرِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ وَفِيهِ نَظَرٌ.

وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَقَالَ الْأَصْحَابُ يَصِحُّ أَنْ يَتَنَفَّلَ بِالصَّدَقَةِ قَبْلَ أَدَائِهَا وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ وَكَذَلِكَ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا فِيمَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَنَذْرٌ لَا يُبَالِي بِأَيِّهِمَا يَبْدَأُ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَالُهُ يَتَّسِعُ لَهُمَا فَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَّسِعْ فَسَنَذْكُرُهُ.

(النَّوْعُ الثَّانِي) : التَّصَرُّفَاتُ الْمَالِيَّةُ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ إذَا تَصَرَّفَ بِهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَكُنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ وَإِنْ اُسْتُغْرِقَ مَالُهُ فِي ذَلِكَ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مُطَالَبَةِ الْغُرَمَاءِ، الْعَيْهَمَ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُهُ فِي الْمَذْهَبِ مِنْ أَصْلَيْنِ:

(أَحَدُهُمَا) : مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ فِيمَنْ تَبَرَّعَ بِمَالِهِ بِوَقْفٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَأَبَوَاهُ مُحْتَاجَانِ أَنَّ لَهُمَا رَدَّهُ وَاحْتَجَّ بِالْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ فِي ذَلِكَ.

(وَالثَّانِي) : أَنَّهُ نَصَّ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَلَى مَنْ أَوْصَى لِأَجَانِبَ وَلَهُ أَقَارِبُ مُحْتَاجُونَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَتَخَرَّجَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَبَرَّعَ وَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَاجِبَةٌ لِوَارِثٍ أَوْ دَيْنٌ لَيْسَ لَهُ وَفَاءٌ أَنَّهُ يُرَدُّ وَلِهَذَا يُبَاعُ الْمُدَبَّرُ فِي الدَّيْنِ خَاصَّةً عَلَى رِوَايَةٍ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ تَصَدَّقَ عِنْدَ مَوْتِهِ بِمَالِهِ كُلِّهِ قَالَ هَذَا مَرْدُودٌ لَوْ كَانَ فِي حَيَاتِهِ لَمْ أُجَوِّزْ لَهُ إذَا كَانَ لَهُ وَلَدٌ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة عَشَرَة الْعِبَادَاتِ الْوَارِدَةَ عَلَى وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) : الْمَذْهَبُ أَنَّ الْعِبَادَاتِ الْوَارِدَةَ عَلَى وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ يَجُوزُ فِعْلُهَا عَلَى جَمِيعِ تِلْكَ الْوُجُوهِ الْوَارِدَةِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ لِبَعْضِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ، لَكِنْ هَلْ الْأَفْضَلُ الْمُدَاوَمَةُ عَلَى نَوْعٍ مِنْهَا أَوْ فِعْلُ جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ فِي أَوْقَاتٍ شَتَّى، ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْأَوَّلُ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

الثَّانِي: لِأَنَّ فِيهِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَنَوُّعِهِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إنَّهَا تَنَوَّعَتْ بِحَسَبِ الْمَصَالِحِ فَتُصَلَّى فِي كُلِّ وَقْتٍ عَلَى صِفَةٍ تَكُونُ مُنَاسِبَةً لَهُ وَهَلْ الْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا أَمْكَنَ جَمْعُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا.

هَذَا فِيهِ نِزَاعٌ فِي الْمَذْهَبِ

<<  <   >  >>