للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ كَالظِّئْرِ.

وَمِنْهَا: الْبَيْعُ فَلَوْ بَاعَهُ ثَوْبًا بِنَفَقَةِ عَبْدِهِ شَهْرًا صَحَّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ.

وَمِنْهَا: النِّكَاحُ تَقَعُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ فِيهِ عِوَضًا عَنْ تَسْلِيمِ الْمَنَافِعِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى شَرْطِهَا فِي الْعَقْدِ كَمَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذِكْرِ الْمَهْرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ الِاسْتِبَاحَةِ وَلَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِ نَفَقَةَ وَلَدِهَا وَكِسْوَتِهِ صَحَّ وَكَانَ مِنْ الْمَهْرِ،.

وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَاوَضَةِ

فَهُوَ إبَاحَةُ النَّفَقَةِ لِلْعَامِلِ مَا دَامَ مُتَلَبِّسًا بِالْعَمَلِ وَيَقَعُ ذَلِكَ فِي الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ إمَّا بِأَصْلِ الْأَصْلِ أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهِ بِالشَّرْعِ وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ:

(مِنْهَا) الْمُضَارَبَةُ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْمُضَارِبِ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ فِي مُدَّةِ الْمُضَارَبَةِ وَمِنْهَا: الشَّرِكَةُ وَمِنْهَا: الْوِكَالَةُ وَمِنْهَا: الْمُسَاقَاةُ وَالْمُزَارَعَةُ إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ لُزُومِهَا وَمَا بَقِيَ مَعَهُمْ مِنْ النَّفَقَةِ الْمَأْخُوذَةِ وَالْكِسْوَةِ بَعْدَ الْفَسْخِ هَذِهِ الْعُقُودُ هَلْ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُمْ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ لِأَنَّ مَا يَتَنَاوَلُهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ لَا الْمِلْكِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُضَارِبُ التَّسَرِّي مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَاشْتَرَى أَمَةً مِنْهُ مَلَكَهَا وَيَكُونُ ثَمَنُهَا قَرْضًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُسْتَبَاحُ بِدُونِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُسْتَبَاحُ بِالْبَذْلِ وَالْإِبَاحَةِ كَمَا يَسْتَبِيحُ الْمُرْتَهِنُ الِانْتِفَاعَ بِالرَّهْنِ بِشَرْطِهِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَيَكُونُ إبَاحَةً وَأَشَارَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ إلَى رِوَايَةٍ أُخْرَى يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْأَمَةَ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَعَلَى هَذَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ تَمْلِيكًا فَلَا يُرَدُّ مَا فَضَلَ مِنْهُمَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ كَمَا فِي الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَغْنَمِ.

وَمِنْهَا: إذَا أَخَذَ الْحَاجُّ نَفَقَةً مِنْ غَيْرِهِ لِيَحُجَّ عَنْهُ فَإِنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ وَالنَّفَقَةُ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى الْحَجِّ لَا أُجْرَةٌ وَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمَعْرُوفِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى بَلَدِهِ وَإِنْ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ رَدَّهَا نَصَّ عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ الْحَجَّةُ عَنْ الْمَيِّتِ بِأَنْ تَكُونَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ أَوْ أَوْصَى بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَإِنَّ فَاضِلَ النَّفَقَةِ يَسْتَرِدُّهُ الْوَرَثَةُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ الْمُوصِي فِي وَصِيَّتِهِ إعْطَاءَ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةً فَإِنَّ الْفَاضِلَ يَكُونُ لَهُ فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ إذَا قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفِ [دِرْهَمٍ] حَجَّةً يَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةً وَمَا فَضَلَ يُرَدُّ إلَى الْوَرَثَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى مَنْ يَحُجُّ أَكْثَرَ مِنْ نَفَقَتِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ الْبَاقِي وَصِيَّةً لِأَنَّ الْحَاجَّ هُنَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَتَعَيَّنُ بِحَجَّةٍ فَيَصِيرُ مَعْلُومًا وَإِنْ قَالَ حُجُّوا عَنِّي بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقُلْ حَجَّةً فَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُصْرَفُ فِي حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى تَنْفُذَ، وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يَحُجُّ عَنْهُ حَجَّةً وَاحِدَةً بِنَفَقَةِ الْمِثْلِ وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ.

(وَمِنْهَا) إذَا أَخَذَ الْحَاجُّ مِنْ الزَّكَاةِ لِيَحُجَّ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الْحَجَّ مِنْ السَّبِيلِ فَإِنْ حَجَّ ثُمَّ فَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَهَلْ يُسْتَرَدُّ أَمْ لَا؟ الْأَظْهَرُ اسْتِرْدَادُهَا كَالْوَصِيَّةِ وَأَوْلَى لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ يَجِبُ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ الْمُعَيَّنَةِ شَرْعًا وَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ فَاضِلِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ وَلَهُمْ تَرِكَةٌ وَقِيَاسُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الْغَازِي أَنَّهُ لَا يُسْتَرَدُّ

<<  <   >  >>