للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَابْنِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ لَكِنْ هَلْ يُتْرَكُ فِي الْأَرْضِ مَجَّانًا أَمْ بِأُجْرَةٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُتْرَكُ مَجَّانًا قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ إذْنُ الْمِلْكِ فَقَدْ انْتَفَى عَنْهُ فِعْلُ الزَّارِعِ فَيَتَقَابَلَانِ وَلِأَنَّهُ حَصَلَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَهُوَ كَالْقَائِمِ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ.

وَالثَّانِي: لَهُ الْأُجْرَةُ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ لِأَنَّهُ زَرْعٌ حَصَلَ ابْتِدَاؤُهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنٍ فَأَوْجَبَ الْأُجْرَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ.

[الْقِسْمُ السَّابِعُ زَرَعَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَالْإِعَارَةِ ثُمَّ رَجَعَ الْمَالِكُ]

الْقِسْمُ السَّابِعُ مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ بِإِذْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَالْإِعَارَةِ ثُمَّ رَجَعَ الْمَالِكُ فَالزَّرْعُ مُبْقَى لِمَنْ زَرَعَهُ إلَى أَوَانِ حَصَادِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ لَكِنْ هَلْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ مِنْ حِينِ الرُّجُوعِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا الْوُجُوبُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ.

وَالثَّانِي: انْتِفَاءٌ لِأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ يَشْهَدُ لَهُ.

الْقِسْمُ الثَّامِنُ: مَنْ زَرَعَ فِي مِلْكِهِ الَّذِي مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ كَالرَّاهِنِ وَالْمُؤَجِّرِ وَكَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِالْمُسْتَأْجِرِ وَبِالْمُرْتَهِنِ لِتَنْقِيصِهِ قِيمَةَ الْأَرْضِ عِنْدَ حُلُولِ الدَّيْنِ فَهُوَ كَزَرْعِ الْغَاصِبِ: وَكَذَلِكَ غِرَاسُهُ وَبِنَاؤُهُ فَيَقْلَعُ الْجَمِيعَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَإِنَّمَا قُلِعَ الزَّرْعُ مِنْهُ لِأَنَّ مَالِكَ الْأَرْضِ هُنَا هُوَ الزَّارِعُ وَالْمُتَعَلِّقُ حَقُّهُ بِهَا لَا يُمْكِنُهُ تَمَلُّكُهُ لِعَدَمِ مِلْكِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَلْعُ وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا فِي الرَّهْنِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ نَقْصَ الْأَرْضِ يَنْجَبِرُ وَإِزَالَةُ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ نَمَاءِ الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ قَلْعُهُ كَذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِ الرَّاهِنِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ بِأَنَّ الْغِرَاسَ الْحَادِثَ فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ الرَّاهِنِ يَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّهُ مِنْ نَمَائِهَا وَالزَّرْعُ مِثْلُهُ وَلَوْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ فَيَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الرَّاهِنِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِسَبَبِهِ وَيُجْعَلُ رَهْنًا وَقَدْ وَقَعَ فِي كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَكَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ انْتِفَاعِ الرَّاهِنِ بِالرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْأُجْرَةُ وَتُجْعَلُ رَهْنًا وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ وَلَا سِيَّمَا إنْ كَانَ اسْتَأْجَرَ لِزَرْعٍ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ يَمْلِكُ الزَّرْعَ بِنَفَقَتِهِ إذْ هُوَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ قَدْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي الزَّرْعِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ إنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَتَمَلَّكُهُ بِالنَّفَقَةِ تَمَلُّكَهُ مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ وَيُحْمَلُ تَخْرِيجُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي تَمَلُّكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِلشُّفْعَةِ بِشَرِكَةِ الْوَقْفِ عَلَى طَرِيقِ مَنْ عَلَّلَ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ بِكَوْنِهِ مَالِكًا وَانْتِفَاءَهَا بِتَصَوُّرِ مِلْكِهِ فَكَذَلِكَ هَهُنَا، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي تَمَلُّكِهِ لِلْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ مَا لَوْ غَصَبَ الْأَرْضَ [الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا] أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةَ وَزَرَعَ فِيهَا فَهَلْ يَتَمَلَّكُ الزَّرْعَ مَالِكُ الرَّقَبَةِ أَوْ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ؟ .

<<  <   >  >>