للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمَالِكِ أَوْ بِرِضَى الْمُسْتَحِقِّ لَمْ يَتْبَعْ النَّمَاءُ فِيهِ الْأَصْلَ بِحَالٍ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا: الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ لَا يَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِأَوْلَادِهَا وَلَا أَكْسَابِهَا لِأَنَّ حَقَّ الْجِنَايَةِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلِهَذَا لَمْ يُمْنَعْ التَّصَرُّفُ عِنْدَنَا وَلِأَنَّ حَقَّ الْجِنَايَةِ تَعَلَّقَ بِالْجِنَايَةِ لِصُدُورِ الْجِنَايَةِ مِنْهَا وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي وَلَدِهَا وَكَسْبُهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ.

وَمِنْهَا: تَرَكَهُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ قِيلَ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ أَيْضًا كَالْمَرْهُونِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا إنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقُ رَهْنٍ يُمْنَعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ جِنَايَةٍ لَا يُمْنَعُ التَّصَرُّفُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّمَاءِ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ لَمْ تَتَعَلَّقْ حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ إذْ هُوَ تَعَلُّقٌ قَهْرِيٌّ كَالْجِنَايَةِ كَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ.

وَخَرَّجَ الْآمِدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِالنَّمَاءِ مَعَ الِانْتِقَالِ أَيْضًا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ وَيَقْوَى هَذَا عَلَى قَوْلِنَا إنَّ التَّعَلُّقَ تَعَلُّقُ رَهْنٍ وَقَدْ يَنْبَنِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَوْ انْتَقَلَ إلَى ذِمَمِ الْوَرَثَةِ أَوْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ لَا غَيْرُ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ قَوْلُ الْآمِدِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ.

وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ [كَذَلِكَ] قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِحَالَةِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ لِمُطَالَبَةِ الْوَرَثَةِ بِالتَّوْثِقَةِ وَالثَّالِثُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى فَيَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ الْحُقُوقُ بِالنَّمَاءِ إذْ هُوَ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يَتَوَجَّهُ تَعَلُّقُهَا بِالنَّمَاءِ كَالرَّهْنِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ إذَا قُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ نَقُولَ إنَّ الدِّينَ فِي ذِمَمِهِمْ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ النَّمَاءِ فِي الرَّهْنِ إنَّمَا يُحْكَمُ بِهِ إذَا كَانَ النَّمَاءُ مِلْكًا لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فَأَمَّا إنْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَتْبَعْ كَمَا لَوْ رَهَنَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ فَإِنَّ كَسْبَهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُكَاتَبِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَنْ تُجْزِيهِ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ أَنَّ النَّمَاءَ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ لِذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ التَّرِكَةُ تُعَلِّقُ الْحَقَّ تَعَلُّقًا قَهْرِيًّا مَعَ انْتِقَالِ مِلْكِهَا إلَى الْوَرَثَةِ فَكَذَلِكَ نَمَاؤُهَا.

وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّعَلُّقَ حَالَةَ الِانْتِقَالِ إنَّمَا ثَبَتَ بِضَعْفِ الْمَانِعِ مِنْهُ حَيْثُ اقْتِرَانُ التَّعَلُّقِ وَمَانِعُهُ وَهُوَ الِانْتِقَالُ، فَأَمَّا بَعْدَ الِانْتِقَالِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِيهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ لِسَبْقِ الْمَانِعِ وَاسْتِقْرَارِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَم.

وَأَمَّا تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِالْأَعْيَانِ لِلتَّعَدِّي فَيَتْبَعُ فِيهِ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ إذَا كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْيَدِ الْعُدْوَانِيَّةِ

: فَمِنْ ذَلِكَ الْغَصْبُ يُضْمَنُ فِيهِ النَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي ضَمَانِهِ خِلَافًا مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي الْمُتَّصِلِ وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَالتَّخْرِيجُ مُتَوَجِّهٌ بَلْ قَدْ

<<  <   >  >>