للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَكَاهُمَا الشِّيرَازِيُّ وَغَيْرُهُ.

[غمس الْإِنَاءُ النَّجِسُ فِي مَاءٍ جَارٍ]

(وَالثَّانِيَةُ) : الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْقَاضِي

وَالثَّانِيَةُ: لَوْ غُمِسَ الْإِنَاءُ النَّجِسُ فِي مَاءٍ جَارٍ وَمَرَّتْ عَلَيْهِ سَبْعُ جَرْيَاتٍ فَهَلْ ذَلِكَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ سَبْعُ غَسَلَاتٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: حَكَاهُمَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْغَازِي تِلْمِيذُ الْآمِدِيِّ،

وَذَكَرَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَفِي شَرْحِ الْمَذْهَبِ لِلْقَاضِي: أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ثَوْبًا وَنَحْوِهِ وَعَصَرَهُ عَقِيبَ كُلِّ جَرْيَةٍ.

[انغمس الْمُحْدِثُ حَدَثًا أَصْغَرَ فِي مَاءٍ جَارٍ لِلْوُضُوءِ]

(وَالثَّالِثَةُ) : لَوْ انْغَمَسَ الْمُحْدِثُ حَدَثًا أَصْغَرَ فِي مَاءٍ جَارٍ لِلْوُضُوءِ وَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُ جَرْيَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَهَلْ يَرْتَفِعُ بِذَلِكَ حَدَثُهُ أَمْ لَا؟

عَلَى وَجْهَيْنِ: أَشْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْجَارِي وَالرَّاكِدِ.

قُلْتُ: بَلْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، وَأَنَّهُ إذَا انْغَمَسَ فِي دِجْلَةَ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ حَتَّى يُخْرِجَ حَدَثَهُ مُرَتَّبًا.

[حَلَفَ لَا يَقِفُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَكَانَ جَارِيًا]

(وَالرَّابِعَةُ) لَوْ حَلَفَ لَا يَقِفُ فِي هَذَا الْمَاءِ وَكَانَ جَارِيًا لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّ الْجَارِيَ يَتَبَدَّلُ وَيَسْتَخْلِفُ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَلَا يُتَصَوَّرُ الْوُقُوفُ فِيهِ.

وَقِيَاسُ الْمَنْصُوصِ أَنَّهُ يَحْنَثُ، لَا سِيَّمَا وَالْعُرْفُ يَشْهَدُ لَهُ وَالْأَيْمَانُ مَرْجِعُهَا إلَى الْعُرْفِ، ثُمَّ وَجَدْت الْقَاضِيَ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ذَكَرَ نَحْوَ هَذَا [وَاَللَّهُ أَعْلَمُ] .

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ شَعْرُ الْحَيَوَانِ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ) : شَعَرُ الْحَيَوَانِ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ لَا فِي حُكْمِ الْمُتَّصِلِ، وَكَذَلِكَ الظُّفُرُ.

هَذَا هُوَ جَادَّةُ الْمَذْهَبِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا: إذَا مَسَّ شَعَرَ امْرَأَةٍ بِشَهْوَةٍ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ، وَكَذَلِكَ ظُفْرَهَا أَوْ مَسَّهَا بِظُفْرِهِ أَوْ شَعَرِهِ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَأْخَذٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لِلشَّهْوَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهِيَ شَرْطٌ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ عِنْدَنَا.

[الشعر لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالِانْفِصَالِ]

(وَمِنْهَا) أَنَّ الشَّعَرَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالِانْفِصَالِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَكَذَا مَا طَالَ مِنْ الظُّفْرِ عَلَى احْتِمَالٍ فِيهِ، أَمَّا عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنْ انْفَصَلَ مِنْ آدَمِيٍّ لَمْ يَنْجُسْ عَلَى الصَّحِيحِ وَمِنْ غَيْرِهِ يَنْجُسُ، لِأَنَّهُ كَانَتْ فِيهِ حَيَاةٌ ثُمَّ فَارَقَتْهُ حَالَ انْفِصَالِهِ فَمَنَعَهُ الِاتِّصَالُ مِنْ التَّنْجِيسِ فَإِذَا انْفَصَلَ زَالَ الْمَانِعُ فَنَجُسَ.

[غَسْلُ الشعر فِي الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ]

(وَمِنْهَا) غَسْلُهُ فِي الْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ.

فَأَمَّا الْجَنَابَةُ فَفِي وُجُوبِ غَسْلِهِ وَجْهَانِ وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَذَكَرَ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ عَدَمُ الْوُجُوبِ طَرْدًا لِلْقَاعِدَةِ، وَمَنْ أَوْجَبَهُ فَيَقُولُ: وَجَبَ تَعَبُّدًا.

نَعَمْ إنْ كَانَ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ لَا يُمْكِنُ بِدُونِ غَسْلِهِ وَجَبَ لِضَرُورَةِ وُجُوبِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ، وَأَمَّا فِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ يَجِبُ غَسْلُ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْمُحَاذِي لِمَحَلِّ الْفَرْضِ فَيُجْزِئُ إمْرَارُ الْمَاءِ عَلَى ظَاهِرِهِ إذَا كَانَ كَثِيفًا، لِأَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ

<<  <   >  >>