للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْقَاضِي فِي الْأُضْحِيَّةِ رِوَايَتَيْنِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ تَتَنَزَّلُ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَتَيْنِ لَا عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْنِ فَإِنْ نَوَى الذَّابِحُ بِالذَّبْحِ عَنْ نَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا أُضْحِيَّةُ الْغَيْرِ لَمْ يُجْزِئْ لِغَصْبِهِ وَاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ وَإِتْلَافِهِ لَهُ عُدْوَانًا، وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ الذَّابِحُ أَنَّهَا أُضْحِيَّةٌ لِاشْتِبَاهِهَا عَلَيْهِ أَجْزَأَتْ عَنْ الْمَالِكِ.

وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى الصُّورَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ مُفَرِّقًا بَيْنَهُمَا مُصَرِّحًا بِالتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَكَذَلِكَ الْخَلَّالُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَعَقَدَ لَهُمَا بَابَيْنِ مُنْفَرِدَيْنِ فَلَا يَصِحُّ التَّسْوِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَتَى قِيلَ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَعَلَى الذَّابِحِ الضَّمَانُ لَكِنْ هَلْ يَضْمَنُ أَرْشَ الذَّبْحِ أَوْ كَمَالَ الْقِيمَةِ؟ أَمَّا عَلَى رِوَايَةِ تَحْرِيمِ ذَبِيحَةِ الْغَاصِبِ فَضَمَانُ الْقِيمَةِ مُتَعَيِّنٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْحِلِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ فَحُكْمُ هَذَا الذَّبْحِ حُكْمُ عَطَبِهَا وَإِذَا عَطِبَتْ فَهَلْ تَرْجِعُ إلَى مِلْكِهِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ فَإِنْ قِيلَ بِرُجُوعِهَا إلَى مِلْكِهِ فَعَلَى الذَّابِحِ أَرْشُ نَقْصِ الذَّبْحِ خَاصَّةً وَإِنْ قِيلَ لَا يَرْجِعُ إلَى مِلْكِهِ فَالذَّبْحُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ إتْلَافِهَا بِالْكُلِّيَّةِ فَيَضْمَنُ الْجَمِيعَ وَيَشْتَرِي الْمَالِكُ بِالْقِيمَةِ مَا يَذْبَحُهُ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَيَصْرِفُ الْكُلَّ مَصْرِفَ الْأُضْحِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً ابْتِدَاءً أَوْ تَطَوُّعًا فَقَدْ فَوَّتَ عَلَى الْمَالِكِ التَّقَرُّبَ بِهَا. وَكَوْنُهَا أُضْحِيَّةً أَوْ هَدْيًا لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ لَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا كَالْعَاطِبِ دُونَ مَحِلِّهِ، وَيَأْخُذَ أَرْشَ الذَّبْحِ مِنْ الذَّابِحِ وَيَتَصَدَّقَ بِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا وَهُوَ أَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَيْهَا التَّقَرُّبَ بِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ فَهُوَ كَإِتْلَافِهَا وَأَمَّا إذَا فَرَّقَ الْأَجْنَبِيُّ اللَّحْمَ فَقَالَ الْأَصْحَابُ لَا يُجْزِئُ ; لِأَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِيمَا إذَا ذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ أُضْحِيَّةَ الْآخَرِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ اللَّحْمَ قَالُوا وَإِنْ تَلِفَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ وَأَبْدَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ احْتِمَالًا بِالْإِجْزَاءِ ; لِأَنَّ التَّفْرِقَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْمَالِكِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ذَبَحَهَا فَسُرِقَتْ، وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيّ وَغَيْرِهِ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى لِقَوْمٍ نُسُكًا فَاشْتَرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ شَاةً ثُمَّ لَمْ يَعْرِفْ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ، قَالَ: يَتَرَاضَيَانِ وَيَتَحَالَّانِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ شَاةً بَعْدَ التَّحْلِيلِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّفْرِيقَ إذَا وَقَعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَعَمُّدٍ أَنَّهُ يُجْزِئُ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ تَجُزْ التَّضْحِيَةُ بِهَذِهِ الْأُضْحِيَّةِ الْمُشْتَبِهَةِ، وَقَدْ يَكُونُ عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ يَتَرَادَّانِ اللَّحْمَ مَعَ بَقَائِهِ.

[الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ أَدَاؤُهُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ]

ُ فَأَدَّاهُ الْغَيْرُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقُّهُ مُعَيَّنًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَفِي الْإِجْزَاءِ خِلَافٌ، وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ مَسَائِلُ:

(مِنْهَا) الْمَغْصُوبُ وَالْوَدَائِعُ إذَا أَدَّاهَا أَجْنَبِيٌّ إلَى الْمَالِكِ أَجْزَأَتْ وَلَا ضَمَانَ.

(وَمِنْهَا) إذَا

<<  <   >  >>