للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِسَرِقَةِ الْمُصْحَفِ فَإِنَّ لَهُ فِيهِ حَقَّ النَّظَرِ لِاسْتِخْرَاجِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ إذَا خَفِيَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى صَاحِبِهِ بَذْلُهُ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَهَذَا تَعْلِيلٌ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ سَرِقَتِهِ وَسَرِقَةِ كُتُبِ السُّنَنِ فَإِنَّهَا مُضَمَّنَةٌ مِنْ الْأَحْكَامِ أَمْثَالُ ذَلِكَ. وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا وَبَذْلُهَا مِنْ الْمَحَاوِيجِ إلَيْهَا مِنْ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَأَهْلِ الْفَتَاوَى وَاجِبٌ عَلَى مَالِكِهَا انْتَهَى.

(وَمِنْهَا) ضِيَافَةُ الْمُجْتَازِينَ. الْمَذْهَبُ وُجُوبُهَا وَأَمَّا إطْعَامُ الْمُضْطَرِّينَ فَوَاجِبٌ لَكِنْ لَا يَجِبُ بَذْلُهُ مَجَّانًا بَلْ بِالْعِوَضِ، وَأَمَّا الْمَنَافِعُ الْمُضْطَرُّ إلَيْهَا كَمَنْفَعَةِ الظَّهْرِ لِلْمُنْقَطِعِينَ فِي الْأَسْفَارِ وَإِعَارَةِ مَا يُضْطَرُّ إلَيْهِ فَفِي وُجُوبِ بَذْلِهَا مَجَّانًا وَجْهَانِ وَاخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إلَى الطَّعَامِ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَجَبَ بَذْلُهُ لَهُ مَجَّانًا ; لِأَنَّ إطْعَامَهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ فَإِنَّ الْوَاجِبَ مُعَاوَضَتُهُ فَقَطْ وَهَذَا حَسَنٌ، وَحَكَى الْآمِدِيُّ رِوَايَةً أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُضْطَرُّ الطَّعَامَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ قَهْرًا لِمَنْعِهِ إيَّاهُ.

(وَمِنْهَا) رِبَاعُ مَكَّةَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا إجَارَتُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ وَاخْتُلِفَ فِي مَأْخَذِهِ فَقِيلَ ; لِأَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ عَنْوَةً فَصَارَتْ وَقْفًا أَوْ فَيْئًا فَلَا مِلْكَ فِيهَا لِأَحَدٍ وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَنِي الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي فَتْحِهَا عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا، وَقِيلَ بَلْ ; لِأَنَّ الْحَرَمَ حَرِيمُ الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلنَّاسِ سَوَاءٌ الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ التَّخْصِيصَ بِمَكَّةَ وَتَحْجِيرَهُ بَلْ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ فِيهِ شَرْعًا وَاحِدًا لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَمَنْ احْتَاجَ إلَى مَا بِيَدِهِ مِنْهُ سَكَنَهُ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ وَجَبَ بَذْلُ فَاضِلِهِ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ وَهُوَ مَسْلَكُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي نَظَرِيَّاتِهِ وَسَلَكَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَتَرَدَّدَ كَلَامُهُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ فَأَجَازَهُ مَرَّةً كَبَيْعِ أَرْضِ الْعَنْوَةِ عِنْدَهُ وَيَكُونُ نَقْلًا لِلْيَدِ بِعِوَضٍ وَمَنَعَهُ فِي أُخْرَى إذْ الْأَرْضُ وَأَبْعَاضُ الْبِنَاءِ مِنْ الْحَرَمِ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِلْبَانِي وَإِنَّمَا لَهُ التَّأْلِيفُ وَقَدْ رَجَّحَ بِهِ بِتَقْدِيمِهِ فِي الِانْتِفَاعِ كَمَنْ بَنَى فِي أَرْضٍ مُسَبَّلَةٍ لِلسُّكْنَى بِنَاءً مِنْ تُرَابِهَا وَأَحْجَارِهَا وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ دُونَ الْإِجَارَةِ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي وَعَلَى هَذَا الْمَأْخَذِ فَقَدْ يَخْتَصُّ الْبَيْعُ بِالْقَوْلِ بِفَتْحِهَا عَنْوَةً لِمَصِيرِ الْأَرْضِ فَيْئًا وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْكَرَاهَةِ أَنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً فَصَارَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا شِرْكًا وَاحِدًا قَالَ وَعُمَرُ إنَّمَا تَرَكَ السَّوَادَ لِذَلِكَ قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي مَنَازِلَ السَّوَادِ وَلَا أَرْضَهُمْ وَهَذَا نَصٌّ بِكَرَاهَةِ الْمَنْعِ فِي سَائِرِ أَرَاضِي الْعَنْوَةِ وَبِكُلِّ حَالٍ فَلَا يَجِبُ الْإِسْكَانُ فِي دُورِ مَكَّةَ إلَّا فِي الْفَاضِلِ عَنْ حَاجَةِ السَّاكِنِ نَصَّ عَلَيْهِ

[الْقَاعِدَةُ الْمِائَةُ الْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ هَلْ يَلْحَقُ الْوَاجِبُ بِالشُّرُوعِ أَوْ بِالْمَنْدُوبِ]

(الْقَاعِدَةُ الْمِائَةُ) : الْوَاجِبُ بِالنَّذْرِ. هَلْ يَلْحَقُ الْوَاجِبُ بِالشُّرُوعِ أَوْ بِالْمَنْدُوبِ؟ فِيهِ خِلَافٌ يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ:

<<  <   >  >>