للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْوَصِيَّةَ لِأَعْيَانِ رَقِيقِهِ وَسَمَّاهُمْ بِاسْمٍ يَحْدُثُ لَهُمْ الْجُوعِ يَسْتَحِقُّونَ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ تَوَقُّفٍ. وَأَفْتَى الشَّيْخُ أَيْضًا بِدُخُولِ الْمَعْدُومِ فِي الْوَصِيَّةِ تَبَعًا كَمَنْ وَصَّى بِغَلَّةِ ثَمَرِهِ لِلْفُقَرَاءِ إلَى أَنْ يَحْدُثَ لِوَلَدِهِ وَلَدٌ فَيَكُونَ، وَهُوَ لَهُ قَرِيبٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْوَصِيَّةِ بِشَرْطٍ آخَرَ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَسَّانَ فِيمَنْ أَوْصَى أَنْ يُتَصَدَّقَ فِي سِكَّةِ فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا فَسَكَنَهَا قَوْمٌ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَالَ: إنَّمَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلَّذِينَ كَانُوا، ثُمَّ قَالَ: مَا أَدْرِي كَيْفَ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: فَيُشْبِهُ هَذَا الْكُورَةَ قَالَ: لَا الْكُورَةُ وَكَثْرَةُ أَهْلِهَا خِلَافُ هَذَا الْمَعْنَى يَنْزِلُ قَوْمٌ وَيَخْرُجُ قَوْمٌ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ.

فَفَرَّقَ بَيْنَ الْكُورَةِ وَالسِّكَّةِ ; لِأَنَّ الْكُورَةَ لَا يَلْحَظُ الْمُوصِي فِيهَا قَوْمًا مُعَيَّنِينَ لِعَدَمِ انْحِصَارِ أَهْلِهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ تَفْرِيقُ الْوَصِيَّةِ الْمُوصَى بِهَا فَيُسْتَحَقُّ الْمُتَجَدِّدُ فِيهَا بِخِلَافِ السِّكَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ يَلْحَظُ أَعْيَانَ سُكَّانِهَا الْمَوْجُودِينَ لِحَصْرِهِمْ. يُفَارِقُ الْوَقْفَ فِي ذَلِكَ الْوَصِيَّةُ ; لِأَنَّ الْوَقْفَ تَحْبِيسٌ وَتَسْبِيلٌ الْيَتِيمَةِ الْمُتَجَدِّدَ مِنْ الطِّبَاقِ فَكَذَا الطَّبَقَةُ الْوَاحِدَةُ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا تَمْلِيكٌ فَيَسْتَدْعِي مَوْجُودًا فِي الْحَالِ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ مَا جُهِلَ وُقُوعُهُ مُتَرَتِّبًا أَوْ مُتَقَارِنًا هَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالتَّقَارُنِ أَوْ بِالتَّعَاقُبِ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ) : مَا جُهِلَ وُقُوعُهُ مُتَرَتِّبًا أَوْ مُتَقَارِنًا هَلْ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالتَّقَارُنِ أَوْ بِالتَّعَاقُبِ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْمَذْهَبُ الْحُكْمُ بِالتَّعَاقُبِ لِبُعْدِ التَّقَارُنِ. وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ:

(مِنْهَا) الْمُتَوَارِثَانِ إذَا مَاتَا جُمْلَةً بِهَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ طَاعُونٍ وَجُهِلَ تَقَارُنُ مَوْتِهِمَا وَتَعَاقُبُهُ حَكَمْنَا بِتَعَاقُبِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ، وَوَرَّثْنَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنْ صَاحِبِهِ. وَخَرَّجَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى بِعَدَمِ التَّوَارُثِ لِلشَّكِّ فِي شَرْطِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ عَلِمَ سَبْقَ أَحَدِهِمَا بِالْمَوْتِ وَجَهِلَ عَيْنَهُ أَوْ عَلِمَ عَيْنَهُ ثُمَّ نَسِيَ عَلَى الْمَذْهَبِ لَكِنَّ هَذَا يَسْتَنِدُ إلَى أَنَّ تَيَقُّنَ الْحَيَاةِ لَا يُشْتَرَطُ لِلتَّوْرِيثِ.

(وَمِنْهَا) إذَا أُقِيمَ فِي الْمِصْرِ جُمُعَتَانِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَشَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِهِمَا مَعًا فَيُبْطَلَانِ وَتُعَادُ الْجُمُعَةُ، أَوْ أَحْرَمَ بِهِمَا مُتَرَتِّبَتَيْنِ فَتُصَلَّى الظُّهْرُ؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَصَحُّهُمَا تُعَادُ الظُّهْرُ ; لِأَنَّ التَّقَارُنَ مُسْتَبْعَدٌ وَعَلَى الثَّانِي تُعَادُ الْجُمُعَةُ إمَّا لِاحْتِمَالِ الْمُقَارَنَةِ أَوْ تَنْزِيلًا لِلْمَجْهُولِ كَالْمَعْدُومِ.

(وَمِنْهَا) إذَا زَوَّجَ وَلِيَّانِ وَجُهِلَ هَلْ وَقَعَ الْعَقْدَانِ مَعًا فَيَبْطُلَانِ أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ فَيُصَحَّحُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ؟ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَيْضًا:

أَحَدُهُمَا: يَبْطُلَانِ لِاحْتِمَالِ التَّقَارُنِ وَالثَّانِي لِاسْتِبْعَادِهِ.

(وَمِنْهَا) إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَاخْتَلَفَا هَلْ أَسْلَمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي التَّقَارُنِ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَوْ مُدَّعِي التَّعَاقُبِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ يَرْجِعَانِ إلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ.

(وَمِنْهَا) إذَا كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ عَبْدٌ فَادَّعَى رَجُلَانِ كُلًّا مِنْهُمَا أَنَّهُ بَاعَهُ هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفٍ وَأَقَامَا بِذَلِكَ بَيِّنَتَيْنِ وَلَمْ يُؤَرِّخَا فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدَانِ

<<  <   >  >>