للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبْطَالُ التَّعْلِيقِ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ.

وَمِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ دَخَلْتُمَا هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ أَوْ كَلَّمْتُمَا زَيْدًا وَعَمْرًا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَكَلَّمَتْ إحْدَاهُمَا زَيْدًا وَالْأُخْرَى عَمْرًا أَوْ دَخَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَارًا، وَقُلْنَا لَا يَكْتَفِي بِبَعْضِ الصِّفَةِ فَهَلْ تَطْلُقَانِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا أَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَجَعَلَ أَبُو الْخَطَّابِ الْمَذْهَبَ الْوُقُوعَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْأُخْرَى تَخْرِيجًا. وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الْوُقُوعُ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْ الشَّافِعِيَّةِ مَعَ قَوْلِهِمْ وَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ بَعْضَ الصِّفَةِ لَا يَكْفِي فِي الْحِنْثِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ الصِّفَةِ.

وَيَتَخَرَّجُ فِي مَسَائِلِ التَّدْبِيرِ السَّابِقَةِ أَنْ تَطْلُقَ هَاهُنَا كُلُّ وَاحِدَةٍ بِدُخُولِ الدَّارِ عَقِبَ دُخُولِهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ طَلَاقُهَا عَلَى دُخُولِ الْأُخْرَى ; لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ مَنْ دَخَلَتْ مِنْكُمَا دَارًا مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَهِيَ طَالِقٌ، وَيَتَخَرَّجُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ هَاهُنَا فِيمَا إذَا قَالَ لَهُمَا: إنْ حِضْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ.

وَجْهٌ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ تَطْلُقُ بِحَيْضِ نَفْسِهَا وَأَنْ لَا يُشْتَرَطَ ثُبُوتُ حَيْضِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا بَلْ يَكْفِي ثُبُوتُ حَقِّهَا فِي حَيْضِهَا بِإِقْرَارِهَا. وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: إنْ شِئْتُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَشَاءَتْ إحْدَاهُمَا، أَوْ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ثُمَّ حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا أَنَّهَا تَطْلُقُ. وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يُفَرِّعْ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى اخْتِيَارِهِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِوُجُودِ بَعْضِ الصِّفَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اقْتَضَتْ حَثًّا أَوْ مَنْعًا أَوْ كَانَتْ تَعْلِيقًا مَحْضًا، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ أَنْ يُطَلَّقَا هَاهُنَا مَعًا بِوُجُودِ حَيْضِ إحْدَاهُمَا، وَمَشِيئَةِ إحْدَاهُمَا، وَالْحَلِفُ بِطَلَاقِ إحْدَاهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ

(وَمِنْهَا) إذَا قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ: أَوْقَعْتُ بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فَهَلْ تُقَسَّمُ كُلُّ طَلْقَةٍ عَلَى الْأَرْبَعِ أَرْبَاعًا ثُمَّ يُكَمَّلُ فَيَقَعُ بِهِنَّ الثَّلَاثُ جَمِيعًا أَوْ يُوَزَّعُ الثَّلَاثُ عَلَى الْأَرْبَعِ فَيَلْحَقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ طَلْقَةٍ ثُمَّ تُكَمَّلُ فَتَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ طَلْقَةً عَلَى رِوَايَتَيْنِ:

الْأُولَى: اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي:

وَالثَّانِيَةُ: اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي قَالَ: لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْأَجْزَاءِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمُخْتَلِفَاتِ كَالدُّورِ وَنَحْوِهَا فَأَمَّا الْجُمَلُ الْمُتَسَاوِيَةُ مِنْ جِنْسٍ كَالنُّقُودِ فَإِنَّهَا تُقَسَّمُ بِرُءُوسِهَا وَيُكَمَّلُ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدَةٍ كَأَرْبَعَةٍ لَهُمْ دِرْهَمَانِ صَحِيحَانِ يُقَسَّمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفٌ مِنْ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ الطَّلَقَاتُ وَيُمْكِنُ الْأَوَّلَيْنِ الْجَوَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لَا تَمْنَعُ الِاشْتِرَاكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ وَلِهَذَا قِيلَ فِي قِسْمَةِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ: إنَّهَا بَيْعٌ وَمَتَى ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ لِجُزْءٍ مِنْ كُلِّ عَيْنٍ قَبْلَ الْقِسْمَة تَوَجَّهَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ هَاهُنَا بِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَمَا لَوْ مَاتَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ وَخَلَّفَ إخْوَتَهَا أَرِقَّاءَ مَعَ عَبِيدِ آخَرَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ أَخٍ لَهَا بِنِسْبَةِ نَصِيبِهَا مِنْ الْمِيرَاثِ وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهَا لَا يَسْتَوْعِبُ قِيمَةَ الْجَمِيعِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ ثَلَاثًا طُلِّقَ كُلُّهُنَّ ثَلَاثًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي فِيهِ خِلَافًا ; لِأَنَّهُ

<<  <   >  >>