للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُؤَدِّي إلَيْهِ شَيْئًا فَأَدَّى إلَى وَرَثَتِهِ وَعَتَقَ فَهَلْ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ الَّذِي كَاتَبَهُ لِانْعِقَادِ سَبَبِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ لِلْوَرَثَةِ الْمُؤَدَّى إلَيْهِمْ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ فِي مِلْكِهِمْ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ] .

(وَمِنْهَا) إذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا فَأَدَّى إلَيْهِ وَعَتَقَ قَبْلَ أَدَائِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ بِمَالٍ وَقُلْنَا لَهُ ذَلِكَ فَفِي وِلَايَتِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ عَلَى هَذَا الْعِتْقِ فِي حَالٍ لَيْسَ مَوْلَاهُ مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فَاسْتَقَرَّ لِمَوْلَى الْمَوْلَى: وَالثَّانِي هُوَ مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ وَعَتَقَ فَالْوَلَاءُ لَهُ لِانْعِقَادِهِ لَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَرَجَّحَ فِي الْخِلَافِ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلَ قَبْلَ الثَّانِي فَالْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ لِانْعِقَادِ سَبَبِ الْوَلَاءِ لَهُ حَيْثُ كَانَ الْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ وَكَلَامُ أَبِي بَكْرٍ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ إذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ أَوْ الْعِتْقُ الْمُنْجَزُ بِإِذْنِهِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالْعِتْقُ عِنْدَهُ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَاءِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَهُ كَوَلَاءِ ذَوِي رَحِمِهِ وَاَلَّذِينَ اشْتَرَاهُمْ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ

وَأَمَّا الْعَبْدُ الْقِنُّ إذَا أُعْتِقَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ مِمَّا مَلَكَهُ وَقُلْنَا بِمِلْكِهِ فَحَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنْ طَلْحَةَ الْعَاقُولِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ عَتَقَ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَإِنْ مَاتَ قِنًّا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ.

وَفِي الْمُجَرَّدِ لِلْقَاضِي أَنَّ الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ مُطْلَقًا وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي عَبْدٍ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَبْتَاعَ عَبْدًا أَوْ يُعْتِقَهُ أَنَّ وَلَاءَهُ لِسَيِّدِهِ وَقَالَ إذَا أَذِنُوا لَهُ فَكَأَنَّهُمْ هُمْ الْمُعْتَقُونَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَعِتْقِهِ بِدُونِهِ كَمَا سَبَقَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُخَرَّجًا عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ ثُمَّ لَيْسَ فِي نَصِّهِ أَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ سَيِّدَهُ بَاعَهُ.

وَيُشْبِهُ هَذِهِ الْمَسَائِلَ إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَأَسْلَمْنَ مَعَهُ وَاخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُ الْبَوَاقِي وَهَلْ يَبْتَدِئْنَ الْعِدَّةَ مِنْ حِينِ الِاخْتِيَارِ ; لِأَنَّ نِكَاحَهُنَّ إنَّمَا انْفَسَخَ بِهِ أَوْ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ السَّبَبُ عَلَى وَجْهَيْنِ.

فَأَمَّا تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ إذَا قُلْنَا يَقِفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فَأَجَازَهُ مَنْ عُقِدَ لَهُ فَهَلْ يَقَعُ الْمِلْكُ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ النَّمَاءُ لَهُ أَمْ مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مِنْ حِينِ الْعَقْدِ وَبِهِ قَطَعَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي فِي مَسْأَلَةِ نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ.

وَالثَّانِي: مِنْ حِينِ الْإِجَازَةِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَلَكِنَّ السَّبَبَ هُنَا غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ لِإِمْكَانِ زَوَالِهِ بِالرَّدِّ وَيَشْهَدُ لِلْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّ الْقَاضِي صَرَّحَ بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إنَّمَا يُفِيدُ صِحَّةَ الْمَحْكُومِ بِهِ وَانْعِقَادُهُ مِنْ حِينِ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كَانَ بَاطِلًا.

وَيَلْتَحِقُ بِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ الْعِبَادَاتُ الَّتِي يَكْتَفِي بِحُصُولِ بَعْضِ شَرَائِطِهَا فِي أَثْنَاءِ وَقْتِهَا إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فِي أَثْنَائِهَا فَهَلْ يُحْكَمُ لَهَا بِحُكْمِ مَا اجْتَمَعَتْ شَرَائِطُهَا مِنْ ابْتِدَائِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَسَائِلُ.

(مِنْهَا) إذَا نَوَى الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ الصَّوْمَ مِنْ أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الصِّيَامِ مِنْ أَوَّلِهِ أَمْ حِينَ نَوَاهُ فَلَا يُثَابُ عَلَى صَوْمِهِ إلَّا مِنْ

<<  <   >  >>