للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْخِلَافَ إلَيْهَا، وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ، وَقَالَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّ الصِّفَةَ لَا تَنْحَلُّ بِالْفِعْلِ حَالَةَ الْبَيْنُونَةِ ; لِأَنَّ الْيَمِينَ بِمُقْتَضَى دَلَالَةِ الْحَالِ تَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِحَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا.

وَكَذَلِكَ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ النَّهْرِ الْمَنْصُوصَةِ بِأَنَّ نَصَّ أَحْمَدَ إنَّمَا هُوَ النَّذْرُ، وَالنَّاذِرُ إذَا قَصَدَ التَّقَرُّبَ بِنَذْرِهِ لَزِمَهُ الْوَفَاءُ مُطْلَقًا كَمَا مُنِعَ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ الْعَوْدِ إلَى دِيَارِهِمْ الَّتِي تَرَكُوهَا لِلَّهِ، وَإِنْ زَالَ الْمَعْنَى الَّذِي تَرَكُوهَا لِأَجْلِهِ فَإِنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ يَمْتَنِعُ فِيهِ الْعَوْدُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ قَدْ يَتَغَيَّرُ، وَلِهَذَا نَهَى الْمُتَصَدِّقُ أَنْ يَشْتَرِيَ صَدَقَتَهُ، وَهَذَا أَحْسَنُ، وَقَدْ يَكُونُ جَدُّهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ لَحَظَ هَذَا حَيْثُ خَصَّ صُورَةَ النَّهْرِ بِالْحِنْثِ مَعَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الصُّوَرِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْحَلِفِ عَلَى الْعَيْنِ الْمَوْصُوفَةِ بِالصِّفَةِ فَإِنْ كَانَ ثُمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْيَمِينِ بِحَالِ بَقَاءِ الصِّفَةِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْكَلَامِ بَعْدَ زَوَالِهَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ فَهِيَ كَمَسْأَلَتِنَا، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ: مِنْهَا: لَوْ دُعِيَ إلَى غَدَاءٍ فَحَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، فَهَلْ يَحْنَثُ بِغَدَاءٍ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحْلُوفِ بِسَبَبِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي الْكِفَايَةِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ.

وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا رَأَيْت مُنْكَرًا إلَّا رَفَعْته إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي، فَعُزِلَ فَهَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَفِي التَّرْغِيبِ وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ أَوْ الْقَرَائِنُ تَقْتَضِي حَالَةَ الْوِلَايَةِ اخْتَصَّ بِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَقْتَضِي الرَّفْعَ إلَيْهِ بِعَيْنِهِ، مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبُ الْمُنْكَرِ قَرَابَةَ الْوَالِي مَثَلًا وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَرَابَتِهِ، وَذَكَرَ الْوِلَايَةَ تَعْرِيفًا، تَتَنَاوَلُ الْيَمِينَ حَالَ الْوِلَايَةِ وَالْعَزْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَلَالَةٌ بِحَالٍ فَهَلْ يَبَرُّ بِرَفْعِهِ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَزْلِ وَيَحْنَثُ بِتَرْكِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ رَفَعَهُ إلَى الْوَلِيِّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ، فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الْمَنْصُوصُ فِي الْحَالِ أَمْ يَبْرَأُ بِالرَّفْعِ إلَى كُلِّ مَنْ يُنَصَّبُ بَعْدَهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، لِتَرَدُّدِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ بَيْنَ تَعْرِيفِ الْعَهْدِ وَالْجِنْسِ، وَلَوْ عَلِمَ بِمُنْكَرٍ بَعْدَ عِلْمِ الْوَالِي احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبِرَّ قَدْ فَاتَ كَمَا لَوْ رَآهُ مَعَهُ.

وَالثَّانِي: لَمْ يَفُتْ ; لِأَنَّ صُورَةَ الرَّفْعِ مُمْكِنَةٌ، ثُمَّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُخَرَّجُ عَلَى مَا إذَا تَبَدَّدَ الْمَاءُ الَّذِي فِي الْكُوزِ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى شُرْبِهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى قَضَائِهِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى.

فَجُعِلَ مَحِلُّ الْوَجْهَيْنِ إذَا انْتَفَتْ الْقَرَائِنُ وَالدَّلَائِلُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَعَ دَلَالَةِ الْحَالِ وَالسَّبَبِ يَخْتَصُّ الرَّفْعُ بِحَالَةِ الْوِلَايَةِ وَجْهًا وَاحِدًا.

وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ أَوْ لِغَرِيمِهِ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِهِ، ثُمَّ بَاعَ الْعَبْدَ وَطَلَّقَ الزَّوْجَةَ وَوَفَّى الْغَرِيمَ، فَهَلْ تَنْحَلُّ يَمِينُهُ؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

وَمِنْهَا: لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: تَزَوَّجْت عَلَيَّ؟ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، فَإِنَّ الْمُخَاطَبَةُ تَطْلُقُ بِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيّ وَابْنِ هَانِئٍ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقِيلَ لَهُ: إنَّ لَك غَيْرَهَا فَقَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ فَسَكَتَ، فَقِيلَ إلَّا فُلَانَةَ فَقَالَ إلَّا فُلَانَةَ،

<<  <   >  >>