للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ وَهُوَ اخْتِيَارُهُ أَعْنِي صَاحِبَ الْكَافِي كَمَا لَا يَصِحُّ عَفْوُ الْمُفْلِسِ.

وَالثَّانِي: يَصِحُّ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِيمَةُ تَكُونُ رَهْنًا ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِعَفْوِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ.

وَالثَّالِث يَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ فَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ مِنْ الْجَانِي تَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ فَإِذَا زَالَ الرَّهْنُ رُدَّتْ إلَى الْجَانِي وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ، وَأَمَّا عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي الَّذِي حَكَيْنَاهُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ فِي صِحَّةِ عَفْوِ الْمُفْلِسِ وَالْمَرِيضِ فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَالْوَرَثَةُ وَنَحْوُهُمْ فَيَتَخَرَّجُ فِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ كَالِاقْتِصَاصِ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدَ شَيْئَيْنِ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ:

(مِنْهَا) عَفْوُ الرَّاهِنِ عَنْ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ مُسْتَوْفًى.

وَمِنْهَا: عَفْوُ الْمُفْلِسِ عَنْ الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقَوَدِ مَجَّانًا فَالْمَشْهُورُ أَنَّا إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا صَحَّ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الْعَفْوُ عَنْ الْمَالِ وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ الَّذِي قِيلَ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ يَصِحُّ، وَعَلَى طَرِيقَةِ مَنْ حَكَى الضَّمَانَ وَهُوَ الْمَرْهُونُ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا يَخْرُجُ هَاهُنَا مِثْلُهُ.

وَمِنْهَا: عَفْوُ الْمُكَاتَبِ عَنْ الْقِصَاصِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُفْلِسِ.

وَمِنْهَا: عَفْوُ الْوَرَثَةِ عَنْ الْقِصَاصِ مَعَ اسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ

وَمِنْهَا: عَفْوُ الْمَرِيضِ عَنْ الْقِصَاصِ وَحُكْمُهُ فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ كَذَلِكَ.

وَمِنْهَا: إذَا عَفَى الْوَارِثُ عَنْ الْعَبْدِ الْجَانِي عَلَى الْعَبْدِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ هَلْ يَضْمَنُ لِمَالِكِ الْمَنْفَعَةِ قِيمَتُهَا عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا فِي التَّرْغِيبِ وَالْأَظْهَرُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى أَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الْمَنْفَعَةِ هَلْ سَقَطَ بِالْإِتْلَافِ أَمْ لَا، وَيَتَوَجَّهُ أَنْ لَا يَنْفُذَ عَفْوُهُ فِي قَدْرِ قِيمَةِ الْمَنَافِعِ ; لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ إذَا قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْعَفْوِ عَنْ الْجَانِي عَلَى الْعَبْدِ الْمُسْتَأْجَرِ ; لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِالْقَتْلِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِبَقِيَّةِ الْأُجْرَةِ

وَمِنْهَا: إذَا قُتِلَ الْعَبْدُ الْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبُولِهِ فَهَلْ لِلْوَرَثَةِ الْعَفْوُ عَنْ قَاتِلِهِ بِدُونِ اخْتِيَارِ الْمُوصَى لَهُ بِهِ ; لِأَنَّ قِيمَتَهُ لَهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْأَصْحَابُ، وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجُ ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا فَلَمْ يَجِبْ بِهَذِهِ الْجِنَايَةِ مَالٌ فَلَهُمْ الْعَفْوُ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِنَا أَنَّ مِلْكَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ لَهُمْ، وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا فِي الْمَرْهُونِ يَخْرُجُ هَاهُنَا مِثْلُهُ.

وَمِنْهَا: الْعَفْوُ عَنْ الْوَارِثِ الْجَانِي فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ أَحَدُ شَيْئَيْنِ فَكَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ بِوُقُوفِهِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ.

" تَنْبِيهَانِ ":

أَحَدُهُمَا: لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ عَنْ الْجَانِي عَمْدًا فَهَلْ يَتَنَزَّلُ عَفْوُهُ عَلَى الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ أَوْ عَلَى الْقَوَدِ وَحْدَهُ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ.

أَحَدُهَا وَذَكَرَ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهَا جَمِيعًا وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا.

وَالثَّانِي: يَنْصَرِفُ إلَى الْقَوَدِ وَحْدَهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بُقُورِي بِإِرَادَةِ

<<  <   >  >>