للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَالِهِ ثُمَّ يَعُودُ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ الْأَوَّلِ فَيَأْخُذُونَهَا مِنْهُمْ بِدَمِ صَاحِبِهِمْ وَكَذَلِكَ نَقَلَ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ إذَا فَاتَهُ الدَّمُ أَخَذَ الدِّيَةَ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ; لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا وَهَذَا كُلُّهُ تَصْرِيحٌ بِالْحُكْمِ وَالتَّعْلِيلِ وَجَعَلَ الْمُطَالَبَةَ بِالدِّيَةِ لِأَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ.

وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَجْهًا أَنَّ الْمُطَالَبَةَ لِقَاتِلِ الْقَاتِلِ ; لِأَنَّهُ لَوْ فَوَّتَ مَحِلَّ الْحَقِّ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْعَبْدَ الْجَانِي وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْجَانِي بَعْضَ الْوَرَثَةِ حَيْثُ لَا يَنْفَرِدُ بِالِاسْتِيفَاءِ هَلْ الْبَاقِينَ حِصَّتُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي أَمْ عَلَى الْمُقْتَصِّ عَلَى وَجْهَيْنِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَرْجِعُ وَرَثَةُ الْجَانِي عَلَى الْمُقْتَصِّ بِمَا فَوْقَ حَقِّهِ.

وَنَقَلَ صَالِحٌ وَابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ فَعَدَا بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ فَقَتَلَ الرَّجُلَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ.

فَقَالَ هَذَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ مَا لِلْحَاكِمِ هَاهُنَا وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانٌ ; لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى الْحَقَّ لِنَفْسِهِ وَلِشُرَكَائِهِ وَلَا سِيَّمَا إنْ قُلْنَا الْوَاجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ الْقَوَدُ عَيْنًا.

وَمِنْهَا: لَوْ عَيَّنَ الْأُضْحِيَّةَ أَوْ هَدْيًا لَا عَنْ وَاجِبٍ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَتْلَفَهُ أَوْ تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِمِثْلِهِ ; لِأَنَّ مُسْتَحِقَّهُ مَوْجُودٌ وَهُمْ مَسَاكِينُ وَإِنْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَنَقَلَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ [وَابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِهِ رِوَايَةً] بِوُجُوبِ الضَّمَانِ كَالزَّكَاةِ وَأَخَذُوا مِنْ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ سَاقَ هَدْيًا وَاجِبًا فَعَطِبَ دُونَ مَحِلِّهِ فَعَلَيْهِ مَكَانَهُ، وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَاجِبِ فِي الذِّمَّةِ.

قَالُوا وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَلِفَ هَلْ يَضْمَنُهُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.

وَمِنْهَا: لَوْ نَذَرَ عِتْقَ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقُ غَيْرِهِ وَلَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمَنْذُورِ، وَإِنْ قَتَلَهُ السَّيِّدُ فَهَلْ يَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ ; لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِتْقِ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ وَالْمَصْرِفُ لِلْعَبْدِ فَإِذَا فَاتَ الْمَصْرِفُ لَمْ يَبْقَ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِتْقِ.

وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فَيَجِبُ صَرْفُ قِيمَتِهِ فِي الرِّقَابِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِنَا فِي الْوَلَاءِ إذَا حَصَلَ مِنْ الْمُعْتِقِينَ فِي الْكَفَّارَةِ صَرْفٌ فِي الرِّقَابِ وَالْوَلَاءِ أَلَيْسَ مِنْ الْقِيمَةِ ; لِأَنَّهُ بَدَلُ الِاكْتِسَابِ وَالْقِيمَةِ بَدَلُ الذَّاتِ وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الرِّقَابُ مَصْرِفًا فَلَا وَجْهَ لِسُقُوطِ الْقِيمَةِ عَنْهُ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ لِسَيِّدِهِ الْقِيمَةُ وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا فِي الْعِتْقِ وَخَرَّجَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَجْهًا بِوُجُوبِهِ وَهُوَ قِيَاسُ قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ ; لِأَنَّ الْبَدَلَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُبْدَلِ وَلِهَذَا لَوْ وَصَّى لَهُ بِعَبْدٍ فَقُتِلَ قَبْلَ قَبُولِهِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ لَهُ إذَا قُتِلَ.

<<  <   >  >>