للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْعَفْوُ عَنْ قَاتِلِهِ إلَى الدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا ; لِأَنَّهُ كَتَوْرِيثِ الْقَاتِلِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يُقْتَصَّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ قَدْ سَبَقَ ذِكْرُ مَأْخَذِهِمَا.

وَمِنْهَا: الْأَمْوَالُ الَّتِي يُجْهَلُ رَبُّهَا يَجُوزُ التَّصَدُّقُ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا عُلِمَ رَبُّهَا، وَقَدْ سَبَقَ مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ عَدِيدَةٌ.

وَمِنْهَا: إذَا مَاتَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَهَلْ يَحِلُّ؟ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي: يَحِلُّ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ يَسْتَحِقُّهُ الْوَارِثُ وَقَدْ عُدِمَ هُنَا. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ احْتِمَالَيْنِ ; لِأَنَّ لَهُ وَارِثًا لَكِنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَقَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا مَا إذَا مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ وَلَا وَارِثَ لَهُ، هَلْ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَمْ لَا؟ فَإِنَّ أَحْمَدَ نَصَّ فِيمَنْ اكْتَرَى بَعِيرًا لِيَحُجَّ عَلَيْهِ فَمَاتَ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِنْ عَادَ الْبَعِيرُ خَالِيًا فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا وَجَبَ لَهُ، وَوَجَّهَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي غَيْرَهُ بِأَنَّهُ تَعَذَّرَ انْتِفَاعُهُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِذَلِكَ.

وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ إذَا مَاتَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهَا، وَفِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ لِابْنِ عَقِيلٍ أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ كَذَلِكَ فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَالَ الْمُسْتَحَقَّ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالزَّكَاةِ لَا تَقِفُ أَدَاؤُهُ عَلَى مُطَالَبَتِهِمْ وَلَا عَلَى مُطَالَبَةِ وَكِيلِهِمْ وَهُوَ الْإِمَامُ، وَلِهَذَا لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عِنْدَنَا بِتَلَفِ النِّصَابِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ لِمُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَدَاءُ إلَيْهِ بِدُونِ مُطَالَبَةٍ.

[الْقَاعِدَةُ الْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ تُعْتَبَرُ الْأَسْبَابُ فِي عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَيْمَانِ]

(الْقَاعِدَةُ الْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : تُعْتَبَرُ الْأَسْبَابُ فِي عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ كَمَا يُعْتَبَرُ فِي الْأَيْمَانِ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا مَسَائِلُ مُتَعَدِّدَةٌ: مِنْهَا: مَسَائِلُ الْعَيِّنَةِ.

وَمِنْهَا: هَدِيَّةُ الْمُقْتَرِضِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبُولُهَا مِمَّنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ مِنْهُ عَادَةً.

وَمِنْهَا: هَدِيَّةُ الْمُشْرِكِينَ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِهَا عَلَى الْمَذْهَبِ بَلْ هِيَ غَنِيمَةٌ أَوْ فَيْءٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْحَابِ.

وَمِنْهَا: هَدَايَا الْعُمَّالِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْهَدَايَا الَّتِي تُهْدَى لِلْأَمِيرِ فَيُعْطَى مِنْهَا الرَّجُلُ قَالَ: هَذَا الْغُلُولُ، وَمُنِعَ الْأَصْحَابُ مِنْ قَبُولِ الْقَاضِي هَدِيَّةَ مَنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهَدِيَّتِهِ لَهُ قَبْلَ وِلَايَتِهِ.

وَمِنْهَا: هِبَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا صَدَاقَهَا إذَا سَأَلَهَا ذَلِكَ، فَإِنَّ سَبَبَهَا طَلَبُ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَهَا الرُّجُوعُ فِيهَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ.

وَمِنْهَا: الْهَدِيَّةُ لِمَنْ يَشْفَعُ لَهُ بِشَفَاعَةٍ عِنْدَ السُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَجُوزُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ

<<  <   >  >>