للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَسُقُوطِهِ رِوَايَتَانِ، فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مَا اسْتَقَلَّ بِهِ الزَّوْجُ وَلَهُ صُوَرٌ.

مِنْهَا: طَلَاقُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْجِزًا أَوْ مُتَعَلِّقًا بِصِفَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الصِّفَةُ مِنْ فِعْلِهَا أَوْ لَمْ تَكُنْ، كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، قَالُوا: لِأَنَّ السَّبَبَ كَانَ مِنْهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ وَإِنَّمَا حَقِيقَتُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَافُ إلَى صَاحِبِ السَّبَبِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إنْ كَانَتْ الصِّفَةُ مِنْ فِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ ذَلِكَ مِنْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَرِيضِ إذَا عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ عَلَى مَا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ فَإِنَّ فِي إرْثِهَا رِوَايَتَيْنِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ مَسْأَلَةُ التَّخْيِيرِ فَإِنَّهُ لَوْ خَيَّرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهَلْ يَسْقُطُ مَهْرُهَا أَوْ يَنْتَصِفُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالتَّخْيِيرُ تَوْكِيلٌ مَحْضٌ وَالتَّعْلِيقُ بِفِعْلِهَا فِي مَعْنَاهُ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لِلْمُخَيَّرَةِ، قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَبَتْ مِنْهُ الْخِيَارَ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ، قَالَ فِي قَلْبِي مِنْهَا شَيْءٌ، ثُمَّ قَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا شَيْءٌ، قُلْت إنِّي سَأَلْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ قَالَ يَكُونُ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ. فَقَالَ لِي فَإِنْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ مَجُوسِيَّةٌ وَأَبَى زَوْجُهَا أَنْ يُسْلِمَ يَكُونُ لَهَا عَلَيْهِ صَدَاقُهَا؟ قَالَ فِي هَذَا: يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.

وَمِنْهَا: خُلْعُهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ يُوجِبُ نِصْفَ الْمَهْرِ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّ الْخُلْعَ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ بِدُونِ رِضَى الْمَرْأَةِ فَلِذَلِكَ نُسِبَ إلَيْهِ.

وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْمَهْرُ، فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ خَرَّجَهُ عَلَى أَنَّهُ فَسْخٌ فَيَكُونُ كَسَائِرِ الْفُسُوخِ مِنْ الزَّوْجِ وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِمَّا يَشْتَرِكُ بِهِ الزَّوْجَانِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِسُؤَالِ الْمَرْأَةِ فَتَكُونُ الْفُرْقَةُ فِيهِ مِنْ قِبَلِهَا، وَلِذَلِكَ يَسْقُطُ إرْثُهَا بِالْخُلْعِ فِي الْمَرَضِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِنَا لَا يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ أَظْهَرُ.

فَأَمَّا إنْ وَقَعَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ وَصَحَّحْنَاهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَصِفَ بِهِ الْمَهْرُ وَجْهًا وَاحِدًا.

وَمِنْهَا: إسْلَامُهُ وَالزَّوْجَةُ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الْأُخْرَى يَسْقُطُ الْمَهْرُ ; لِأَنَّهُ فَعَلَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِامْتِنَاعِهَا مِنْ الْإِسْلَامِ فَلَا يَكُونُ لَهَا مَهْرٌ.

وَمِنْهَا: رِدَّتُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ.

وَمِنْهَا: إقْرَارُهُ بِالنَّسَبِ أَوْ بِالرَّضَاعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ دُونَ سُقُوطِ النِّصْفِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَطَأَ أُمَّ زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنَتَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْبِنْتِ وَيَجِبُ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْقِسْمِ الْفُسُوخُ الَّتِي يَمْلِكُهَا الزَّوْجُ لِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ إمَّا لِظُهُورِ عَيْبٍ فِي الزَّوْجَةِ أَوْ فَوَاتِ شَرْطٍ فَيَسْقُطُ بِهَا الْمَهْرُ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْفُسُوخِ فِي الْعُقُودِ لِعَيْبٍ ظَهَرَ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ يَزْدَادُ لِلْعِوَضَيْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَاسْتِيفَائِهِ، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمَهْرِ فِي الصَّدَاقِ وَمَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ جَبْرًا لَهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُوجِبٌ مِنْ جِهَتِهَا،

<<  <   >  >>