للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِبَاقِ، وَأَنَّ الْمُؤَجِّرَ مَلَكَ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا بِالْعَقْدِ

وَالثَّانِيَة: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ مَرِضَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ مُفَرِّقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِبَاقِ ; لِأَنَّ الْمَرَضَ يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ.

وَمِنْهَا: إذَا ضُرِبَ لِلْعِنِّينِ الْأَجَلُ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَة وَالْمَرْأَةُ ثَيِّبٌ، فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ أَوْ قَوْلُ الزَّوْجِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ثُبُوتِ الْفَسْخِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ يُخَلَّى مَعَهَا وَيُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ مَائِهِ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى تَرْجِيحِ الظَّاهِرِ عَلَى الْأَصْلِ.

وَمِنْهَا: إذَا شَكَّ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَالَ الزَّوْجُ أَسْلَمْت فِي عِدَّتِك فَالنِّكَاحُ بَاقٍ، فَقَالَتْ بَلْ أَسْلَمْت بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِي، فَوَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ.

وَالثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إسْلَامِهِ فِي الْعِدَّةِ.

وَمِنْهَا: إذَا قَالَ أَسْلَمْت قَبْلَك فَلَا نَفَقَةَ لَك، وَقَالَتْ بَلْ أَسْلَمْت قَبْلَك فَلِي النَّفَقَةُ، فَفِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ.

وَالثَّانِي: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْكَافِي، وَعَلَّلَ الْقَاضِي أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا، وَيُنْتَقَضُ التَّعْلِيلَانِ بِالِاخْتِلَافِ فِي النُّشُوزِ.

وَمِنْهَا: إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ شَيْءٍ وَشَكَّ فِي وُجُودِهِ، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ.

وَالثَّانِي: يَقَعُ، وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ تَمْرَةً فَاخْتَلَطَتْ فِي تَمْرٍ كَثِيرٍ إنْ لَمْ يَأْكُلْهُ كُلَّهُ حَنِثَ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ وَالسَّامِرِيِّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُ شَرْطِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْعَدَمُ، وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَمَرَّ الشَّكُّ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعَدَمِ وَلَا عَلَى انْتِفَائِهِ، فَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ يَقِينًا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ ظَاهِرًا وَكَانَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً يَجِبُ قَبُولُهَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَمَارَةً مَحْضَةً وَقَعَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْعَدَمِ يَقِينًا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهِ ظَاهِرًا فَوَجْهَانِ عَلَى قَوْلِنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَعَ اسْتِمْرَارِ الشَّكِّ الْمُسَاوِي الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ.

وَمِنْهَا: لَوْ قَتَلَ مَنْ لَا يَعْرِفُ ثُمَّ ادَّعَى رِقَّهُ أَوْ كُفْرَهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ دَمِهِ أَوْ قَوْلُ الْوَلِيِّ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَتْلِ إيجَابُ الْقِصَاصِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمَانِعِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا الثَّانِي، وَحَكَى الْأَوَّلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا جَنَى عَلَى عُضْوٍ ثُمَّ ادَّعَى شَلَلَهُ، فَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَكِنْ الْمَحْكِيَّ هَاهُنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَكَذَلِكَ الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا قَدَّ مَلْفُوفًا نِصْفَيْنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا فَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الدَّمِ وَالْأَصْلُ حَيَاةُ الْمَقْدُودِ، وَكَذَا الْوَجْهَانِ لَوْ جَنَى عَلَى بَطْنِ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ وَلَدًا لِوَقْتٍ يَعِيشُ الْمَوْلُودُ فِي مِثْلِهِ وَاخْتَلَفَا فِي حَيَاتِهِ عِنْدَ الْوَضْعِ لِتَعَارُضِ أَصْلِ الْحَيَاةِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَكَذَا الْوَجْهَانِ لَوْ زَادَ فِي الْقِصَاصِ

<<  <   >  >>