للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ فَأَمَّا: إنْ قِيلَ إنَّهُ يَمْلِكُ صَحَّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ كَالْمُكَاتَبِ فِي أَظْهَرْ الْوَجْهَيْنِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فِي الرِّوَايَتَيْنِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ.

(وَمِنْهَا) وَصِيَّةُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مِنْهُ صَحَّ وَعَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ الْمَالِ وَكَمُلَ عِتْقُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَصِيَّةِ نَصَّ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا صَحَّتْ لِعَقْدِهِ فَتَقْدِيمُ الْعِتْقِ أَهَمُّ وَأَنْفَعُ لَهُ. وَقِيلَ بَلْ الْجُزْءُ الشَّائِعُ الْمُوصَى بِهِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فَتَعَيَّنَ فِي الْعَبْدِ تَصْحِيحًا لِلْوَصِيَّةِ مَهْمَا أَمْكَنَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: مَلَكَ بِالْوَصِيَّةِ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْ نَفْسِهِ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ وَمَلَكَ بِهِ بَقِيَّةَ الْوَصِيَّةِ فَصَارَ مُعْسِرًا فَسَرَى الْعِتْقُ إلَى الْبَاقِي مَضْمُونًا بِالسِّرَايَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَصِيَّةِ إذْ لَا مَالَ لَهُ سِوَاهَا كَمَنْ مَلَكَ بَعْضَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ بِفِعْلِهِ وَأَوْلَى. وَهَذَا الْمَأْخَذُ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَهُوَ حَسَنٌ وَفِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ مَا يُشْعِرُ بِهِ أَيْضًا.

وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْهُ بِنِسْبَةِ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْمَالِ فَيَسْرِي الْعِتْقُ إلَى جَمِيعِهِ إذَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِالسِّرَايَةِ بِالْوَصِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيُكْمِلُ لَهُ بَقِيَّةَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الْمَالِ إنْ احْتَمَلَ الثُّلُثُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مُقَدَّرٍ فَفِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ رِوَايَتَانِ أَشْهَرُهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ بَنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ هَلْ يَمْلِكُ أَمْ لَا وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِمْ. وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ الصِّحَّةَ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ كَقَدْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْمُقَدَّرِ مِنْ التَّرِكَةِ لَا بِعَيْنِهِ فَيَعُودُ إلَى الْجُزْءِ الْمُشَاعِ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا

(وَمِنْهَا) لَوْ غَزَا الْعَبْدُ عَلَى فَرَسٍ مَلَّكَهُ إيَّاهَا سَيِّدُهُ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُهَا لَمْ يُسْهَمْ لَهَا وَلِأَنَّ الْفَرَسَ تَبَعٌ لِمَالِكِهَا فَإِذَا كَانَ مَالِكُهَا مِنْ أَهْلِ الرَّضْخ فَكَذَلِكَ فَرَسُهُ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُهَا أَسْهَمَ لَهَا لِأَنَّهَا لِسَيِّدِهِ كَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يُسْهَمُ لِفَرَسِ الْعَبْدِ وَتَوَقَّفَ مَرَّةً أُخْرَى، وَقَالَ لَا يُسْهَمُ لَهَا مُتَّحِدًا وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ إذَا غَزَا الْعَبْدُ مَعَ سَيِّدِهِ وَمَعَهُ فَرَسَانِ وَمَعَ سَيِّدِهِ فَرَسَانِ يُسْهَمُ لِفَرَسَيْ السَّيِّدِ وَلَا يُسْهَمُ لِفَرَسَيْ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْكُلَّ لِلسَّيِّدِ وَلَا يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ.

" تَنْبِيهٌ " الْخِلَافُ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ بِالتَّمْلِيكِ هَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ أَمْ لَا قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ فَلَا يَمْلِكُ مِنْ غَيْرِ جِهَتِهِ وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: (مِنْهَا) مِلْكُهُ اللُّقَطَةَ بَعْدَ الْحَوْلِ قَالَ طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ يَنْبَنِي عَلَى رِوَايَتَيْ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ جَعْلًا لِتَمْلِيكِ الشَّارِعِ كَتَمْلِيكِ السَّيِّدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ يَمْلِكُ اللُّقَطَةَ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ تَمْلِيك شَرْعِيٌّ يَثْبُتُ قَهْرًا فَيَثْبُتُ لَهُ حُكْمًا وَفَارَقَ الْمِيرَاثَ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِانْقِطَاعِ تَصَرُّفِهِ وَهُنَا هُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ إلَى الْمَالِ وَعِنْدَ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ لَا يَمْلِكُهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ وَكَذَلِكَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُغْنِي أَنَّهَا مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ

(وَمِنْهَا) حِيَازَتُهُ الْمُبَاحَاتِ مِنْ احْتِطَابٍ أَوْ احْتِشَاشٍ أَوْ اصْطِيَادٍ أَوْ مَعْدِنٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: هُوَ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ دُونَهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً كَالْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ لِأَنَّ جَوَارِحَ الْعَبْدِ وَمَنَافِعَهُ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ

<<  <   >  >>