للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَفْسَدَهُ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ عَلَى صِفَةِ مَا أَفْسَدَهُ.

[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُنْتَقِلِ مِلْكُهَا مِنْ ناقلها مُدَّة مَعْلُومَةً]

(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَة وَالثَّلَاثُونَ) : يَصِحُّ عِنْدَنَا اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الْمُنْتَقِلِ مِلْكُهَا مِنْ نَاقِلِهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْهَا: الْمَبِيعُ إذَا اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ، وَحُكِيَ فِيهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى بِعَدَمِ الصِّحَّةِ.

وَمِنْهَا: الْوَقْفُ، يَصِحُّ أَنْ يَقِفَ وَيَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ مُدَّةَ حَيَاتِهِ ; لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمُدَّةِ هُنَا لَا تُؤَثِّرُ فَإِنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى جَهَالَةِ مُدَّةِ كُلِّ بَطْنٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ بَعْدَهُ.

وَمِنْهَا: الْعِتْقُ، وَيَصِحُّ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدَهُ وَيَسْتَثْنِيَ نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً، نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ سَفِينَةَ، وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى خِدْمَتَهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ، وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ أَنْ يُعْتِقَ أَمَتَهُ وَيَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا ; لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ وَيَمْلِكُهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَجَعَلَ الْعِتْقَ عِوَضًا عَنْهُ فَانْعَقَدَ فِي آنٍ وَاحِدٍ.

وَمِنْهَا: إذَا كَاتَبَ أَمَتَهُ وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَةَ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا نَقَلَ بِالْكِتَابَةِ عَنْ مِلْكِهِ مَنَافِعَهَا دُونَ رَقَبَتِهَا.

وَمِنْهَا: الْوَصِيَّةُ فَيَصِحُّ أَنْ يُوصِيَ بِرَقَبَةِ عَيْنٍ لِشَخْصٍ وَبِنَفْعِهَا لِآخَرَ مُطْلَقًا أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ نَفْعِهَا لِلْوَرَثَةِ.

وَمِنْهَا: الْهِبَةُ يَصِحُّ أَنْ يَهَبَهُ شَيْئًا وَيَسْتَثْنِيَ نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً، وَبِذَلِكَ أَجَابَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

وَمِنْهَا: عِوَضُ الصَّدَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَلَى مَالٍ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ اسْتِثْنَاءِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا.

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ الِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ هَلْ هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ اللَّفْظِيِّ]

(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ) : الِاسْتِثْنَاءُ الْحُكْمِيُّ هَلْ هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ اللَّفْظِيِّ أَمْ تُغْتَفَرُ فِيهِ الْجَهَالَةُ بِخِلَافِ اللَّفْظِيِّ فِيهِ وَجْهَانِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي الصِّحَّةُ، وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ،

خِلَافًا لِلْقَاضِي، وَيُخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا: لَوْ بَاعَهُ أَمَةً حَامِلًا بِحُرٍّ وَقُلْنَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ لَفْظًا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَمِنْهَا: لَوْ بَاعَهُ عَقَارًا تَسْتَحِقُّ فِيهِ السُّكْنَى الزَّوْجَةُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الْوَفَاةِ بِالْحَمْلِ فَهَلْ يَصِحُّ؟ قَالَ فِي الْمُغْنِي لَا، لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ مَجْهُولَةٌ بِخِلَافِ مُدَّةِ الْأَشْهُرِ، وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّين فِي مُسَوَّدَتِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْبَيْعِ، وَأَطْلَقَ.

وَمِنْهَا: بَيْعُ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ تَصِحُّ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ.

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا حَتَّى يُبَيِّنَ، فَقَدْ يَكُونُ مَأْخَذُهُ اشْتِرَاطَ الْعِلْمِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنَافِعِ فِي الْعَقْدِ، وَقِيلَ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمُطْلَقَ الْيَتِيمَةِ الْمَنَافِعَ وَهِيَ الْآنَ مِلْكٌ لِغَيْرِهِ فَيُشْبِهُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ، وَلَكِنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا أَوْجَبَ بَيَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ تَرْكَهُ تَدْلِيسٌ وَتَغْرِيرٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِمِقْدَارِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً مِنْ طَعَامٍ فَبَانَ تَحْتَهَا دِكَّةٌ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ، وَعِلْمُهُ بِهَا يُفْضِي إلَى دُخُولِهِ عَلَى جَهَالَةِ مِقْدَارِ الصُّبْرَةِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى بِلَفْظِهِ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ.

وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُزَوَّجَةً صَحَّ، سَوَاءٌ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَقَعُ مَنَافِعُ الْبُضْعِ مُسْتَثْنَاةً فِي هَذَا الْعَقْدِ حُكْمًا، وَلَوْ اسْتَثْنَاهَا فِي الْعَقْدِ لَفْظًا لَمْ يَصِحَّ.

وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى شَجَرًا (وَ) عَلَيْهِ ثَمَرٌ، أَوْ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ، أَوْ دَارًا فِيهَا طَعَامٌ كَثِيرٌ صَحَّ، وَوَقَعَ

<<  <   >  >>