للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْوَاجِبِ فَهَلْ كُلُّهُ فَرْضٌ أَوْ بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ.

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ كُلُّهُ فَرْضٌ وَقَالَ الْقَاضِي بَعْضُهُ تَطَوُّعٌ وَهُوَ الصَّوَابُ ; لِأَنَّ الشَّارِعَ أَعْطَاهُ جُبْرَانًا عَنْ الزِّيَادَةِ، فَأَمَّا مَا كَانَ الْأَصْلُ فَرْضِيَّتَهُ وَوُجُوبَهُ ثُمَّ سَقَطَ بَعْضُهُ تَخْفِيفًا فَإِذَا فَعَلَ الْأَصْلَ وُصِفَ الْكُلُّ بِالْوُجُوبِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَمِنْ ذَلِكَ إذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ أَرْبَعًا فَإِنَّ الْكُلَّ فَرْضٌ فِي حَقِّهِ وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ تَنَفُّلٌ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِهِ فِيهِمَا وَهُوَ مُتَمَشٍّ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ عَدَمُ اعْتِبَارِ نِيَّةِ الْقَصْرِ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَمِنْهُ إذَا كَفَّرَ الْوَاطِئُ فِي الْحَيْضِ بِدِينَارٍ فَإِنَّ الْكُلَّ وَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى نِصْفِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَيَتَخَرَّجُ فِيهِ وَجْهٌ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فَأَمَّا إنْ غَسَلَ رَأْسَهُ بَدَلًا عَنْ مَسْحِهِ وَقُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَفِي السَّائِلِ مِنْهُ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي رَفْعِ حَدَثٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْغَسْلُ وَإِنَّمَا سَقَطَ تَخْفِيفًا.

وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ طَهُورٌ لِأَنَّ الْغَسْلَ مَكْرُوهٌ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَقَدْ يُقَالُ وَالْإِتْمَامُ فِي السَّفَرِ مَكْرُوهٌ أَيْضًا.

[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَة الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا لَا يَجُوز تَقْدِيمُهَا عَلَى سَبَبِ وُجُوبِهَا]

(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ) : الْعِبَادَاتُ كُلُّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بَدَنِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً أَوْ مُرَكَّبَةً مِنْهُمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى سَبَبِ وُجُوبِهَا وَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بَعْدَ سَبَبِ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ الْوُجُوبِ أَوْ قَبْلَ شَرْطِ الْوُجُوبِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ: (مِنْهَا) الطَّهَارَةُ سَبَبُ وُجُوبِهَا الْحَدَثُ وَشَرْطُ الْوُجُوبِ فِعْلُ الْعِبَادَةِ الْمُشْتَرَطِ لَهَا الطَّهَارَةُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْعِبَادَةِ وَلَوْ بِالزَّمَنِ الطَّوِيلِ بَعْدَ الْحَدَثِ.

(وَمِنْهَا) الصَّلَاةُ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُ صَلَاةِ الْعَصْرِ إلَى وَقْتِ الظُّهْرِ، وَالْعِشَاءِ إلَى وَقْتِ الْمَغْرِبِ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الزَّوَالَ سَبَبًا لِوُجُوبِ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَ الْعُذْرِ دُونَ عَدَمِهِ، وَلِهَذَا لَوْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ وَقْتِ الزَّوَالِ ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ عُذْرٌ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّلَاتَيْنِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَوْ زَالَ الْعُذْرُ فِي آخِرِ وَقْتِ الْعَصْرِ لَزِمَهُ الصَّلَاتَانِ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا فَعُلِمَ أَنَّ الْوَقْتَيْنِ قَدْ صَارَا فِي حَالِ الْعُذْرِ كَالْوَقْتِ الْوَاحِدِ، لَكِنَّهُ وَقْتُ جَوَازٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى إحْدَاهُمَا، وَوُجُوبٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُخْرَى.

(وَمِنْهَا) صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَإِنْ سَبَبهَا الْيَوْمُ لِأَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ فَيَجُوزُ فِعْلُهَا بَعْدَ زَوَالِ وَقْتِ النَّهْيِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ وَإِنْ كَانَ الزَّوَالُ هُوَ وَقْتَ الْوُجُوبِ.

(وَمِنْهَا) زَكَاةُ الْمَالِ يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ.

(وَمِنْهَا) كَفَّارَاتُ الْإِحْرَامِ إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِلْعُذْرِ فَإِنَّ الْعُذْرَ سَبَبُهَا فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بَعْدَ الْعُذْرِ وَقَبْلَ فِعْلِ الْمَحْظُورِ.

(وَمِنْهَا) صِيَامُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَإِنَّ سَبَبَهُ الْعُمْرَةُ السَّابِقَةُ لِلْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ، فَبِالشُّرُوعِ فِي إحْرَامِ الْعُمْرَةِ

<<  <   >  >>