للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَصَارَ مَوْكُولًا إلَى نَظَرِهِ وَمَا يَرَاهُ.

(النَّوْعُ الثَّانِي) : أَنْ يَقَعَ التَّصَرُّفُ مُخَالِفًا لِلْإِذْنِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَرْضَى بِهِ الْآذِنِ عَادَةً مِثْلُ مُخَالَفَةِ الْمُضَارِبِ وَالْوَكِيلِ فِي صَفْقَةِ الْعَقْدِ دُونَ أَصْلِهِ كَأَنْ يَبِيعَ الْمُضَارِبُ نَسْئًا عَلَى قَوْلِنَا بِمَنْعِهِ مِنْهُ أَوْ يَبِيعَ الْوَكِيلُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ يَبِيعَ نَسْئًا أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ بِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ فِي الْحُكْمِ فَلِلْأَصْحَابِ هَاهُنَا طُرُقٌ أَحَدُهَا أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ الْمُتَصَرِّفُ ضَامِنًا لِلْمَالِكِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ فِي الْمُخَالَفَةِ فِي الثَّمَنِ ; لِأَنَّ التَّصَرُّفَ هُنَا مُسْتَنَدُ أَصْلِهِ إلَى إذْنٍ صَحِيحٍ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ الْمُخَالَفَةُ فِي بَعْضِ أَوْصَافِهِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِأَصْلِ الْإِذْنِ وَيَضْمَنُ الْمُخَالِفُ لِمُخَالَفَتِهِ فِي صِفَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ الْوَكِيلُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ يَشْتَرِيَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَبْطَلَهُ فِي صُورَةِ الشِّرَاءِ كَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَالسَّامِرِيِّ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يُقَدِّرَ لَهُ الثَّمَنَ أَوْ لَا عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَنْصُورٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مَعَ مُخَالَفَتِهِ التَّسْمِيَةَ لِمُخَالَفَةِ صَرِيحِ الْإِذْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَمِّهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا خَالَفَ دَلَالَةَ الْعُرْفِ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنُ عَقِيلٍ فِي فُصُولِهِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ بَيْنَ الْبَيْعِ نَسْئًا وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَأَبْطَلَهُ فِيهِمَا بِخِلَافِ نَقْصِ الثَّمَنِ وَزِيَادَتِهِ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِي النَّسَاءِ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَد وَقَعَتْ فِي جَمِيعِ الْعَقْدِ وَفِي النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَفِي بَعْضِهِ، وَفِيهِ ضَعْفٌ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ.

وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَة: أَنَّ فِي الْجَمِيعِ رِوَايَتَيْنِ:

إحْدَاهُمَا الصِّحَّةُ وَالضَّمَانُ

وَالثَّانِيَة: الْبُطْلَانُ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَحَّحَا رِوَايَةَ الْبُطْلَانِ وَتَأَوَّلَا رِوَايَةَ الضَّمَانِ عَلَى بُطْلَانِ الْعَقْدِ وَأَنَّ الْعَيْنَ تَعَذَّرَ رَدُّهَا فَيَأْخُذُ الْمَالِكُ الثَّمَنَ وَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ مِنْ الثَّمَنِ. وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِصَرِيحِ كَلَامِ أَحْمَدَ وَحَاصِلُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَفَةَ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ سَوَاءٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الْوَقْفِ هَاهُنَا عَنْ الْإِجَازَةِ دُونَ الْمُخَالَفَةِ لِأَصْلِ الْعَقْدِ مِثْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِ مَالِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي شِرَائِهِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِي الْبُطْلَانِ هَاهُنَا وَجَعَلَهُ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ الْمَحْضِ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ وَصَالِحٍ فِيمَنْ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا فَخَالَفَهُ كَانَ ضَامِنًا فَإِنْ شَاءَ الَّذِي أَعْطَاهُ ضَمِنَهُ وَأَخَذَ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْمَالِ عَلَى حَدِيثِ عُرْوَةَ وَالْبَارِقِي وَهَذَا نَصٌّ لِلْوَقْفِ بِالْمُخَالَفَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمُخَالِفَةِ بِالصِّفَةِ.

وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ أَنَّ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ إذَا لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ الثَّمَنَ وَلَا عَيَّنَ النَّقْدَ رِوَايَتَيْنِ:

الْبُطْلَانُ كَتَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ

وَالصِّحَّةُ.

وَلَا يَضْمَنُ الْوَكِيلُ شَيْئًا ; لِأَنَّ إطْلَاقَ الْعَقْدِ يَقْتَضِي الْبَيْعَ بِأَيِّ ثَمَنٍ كَانَ وَأَيّ نَقْدٍ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ

<<  <   >  >>