للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ادَّعُوا الرَّدَّ إلَى الْمَالِكِ، فَفِي التَّلْخِيصِ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْمَالِكَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ وَيَتَوَجَّهُ قَبُولُ دَعْوَاهُ فِي حَالَةٍ لَا يَضْمَنُ فِيهَا بِالتَّلَفِ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ شَرْعًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ.

[تَنْبِيهٌ عَامِلُ الصَّدَقَةِ مَقْبُولُ الْقَوْلِ فِي دَفْعِهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ]

َ وَلَوْ كَذَّبُوهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ وَكِيلًا بِجُعْلٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ عِبَادَةٌ فَلَا اسْتِحْلَافَ فِيهَا وَلِذَلِكَ لَا يُسْتَحْلَفُ أَرْبَابُهَا إذَا ادَّعُوا الدَّفْعَ إلَى الْعَامِلِ وَأَنْكَرَ فَكَذَلِكَ الْعَامِلُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لِأَرْبَابِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ فِي الرَّدِّ وَأَمَّا عَامِلُ الْخَرَاجِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ تَصْدِيقٍ ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَيْضًا وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْخَرَاجَ دَيْنٌ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ مُسْتَوْفِيهِ فِي دَفْعِهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ مُنْتَقَضٌ بِالْوَكِيلِ فِي اسْتِيفَاءِ دَيْنٍ وَدَفْعِهِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ وَالْأَظْهَرُ تَخْرِيجُ حُكْمِ عَامِلِ الْخَرَاجِ عَلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ كَانَ مُتَبَرِّعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِجُعْلٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ وَكَذَلِكَ يُخَرَّجُ فِي عَامِلِ الْوَقْفِ وَنَاظِرِهِ.

[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ عُقُودُ الْأَمَانَاتِ هَلْ تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي فِيهَا أَمْ لَا]

(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَة وَالْأَرْبَعُونَ) : عُقُودُ الْأَمَانَاتِ هَلْ تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي فِيهَا أَمْ لَا؟ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَمَانَةَ الْمَحْضَةَ تَبْطُلُ بِالتَّعَدِّي وَالْأَمَانَةَ الْمُتَضَمِّنَةَ لِأَمْرٍ آخَرَ لَا تَبْطُلُ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذَا مَسَائِلُ: مِنْهَا: إذَا تَعَدَّى فِي الْوَدِيعَةِ بَطَلَتْ وَلَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِمْسَاكُ وَوَجَبَ الرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ مَحْضَةٌ وَقَدْ زَالَتْ بِالتَّعَدِّي فَلَا تَعُودُ بِدُونِ عَقْدٍ مُتَجَدِّدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَلَوْ كَانَتْ عَيْنَيْنِ فَتَعَدَّى فِي إحْدَاهُمَا فَهَلْ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهُمَا أَوْ لِمَا وُجِدَ فِيهِ التَّعَدِّي خَاصَّةً فِيهِ تَرَدُّدٌ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ وَذَكَره ابْنُ الزاغوني أَنَّهُ إذَا زَالَ التَّعَدِّي وَعَادَ إلَى الْحِفْظِ لَمْ تَبْطُلْ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَالِكَ أَسْنَدَ إلَيْهِ الْحِفْظَ لِرِضَاهُ بِأَمَانَتِهِ فَمَتَى وُجِدَتْ الْأَمَانَةُ فَالْإِسْنَادُ مَوْجُودٌ لِوُجُودِ عِلَّتِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالتَّعْلِيقِ فَقَالَ كُلَّمَا خُنْتَ ثُمَّ عُدْتَ فَأَنْتَ أَمِينٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِيدَاعِ عَلَى الشَّرْطِ كَالْوِكَالَةِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي.

وَمِنْهَا: الْوَكِيلُ إذَا تَعَدَّى فَالْمَشْهُورُ أَنَّ وِكَالَتَهُ لَا تَنْفَسِخُ بَلْ تَزُولُ أَمَانَتُهُ وَيَصِيرُ ضَامِنًا وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ صَحَّ وَضَمِنَ النَّقْصَ لِأَنَّ الْوِكَالَةَ إذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ مَعَ اسْتِئْمَانٍ فَإِذَا زَالَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَزُلْ الْآخَرُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى هَذَا فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا [وَقَعَ] فِيهِ التَّعَدِّي خَاصَّةً حَتَّى لَوْ بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي عَيْنِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَا يَزُولُ الضَّمَانُ عَنْ عَيْنِ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّعَدِّي بِحَالٍ إلَّا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الزاغوني فِي الْوَدِيعَةِ

<<  <   >  >>