للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمِلْكَ يَقْتَرِنُ بِالتَّصَرُّفِ فَيَنْفُذُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا تَمَلُّكٌ قَهْرِيٌّ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ فَيُكْتَفَى فِيهِ بِالْقَوْلِ الدَّالِّ عَلَى التَّمَلُّكِ كَمَا مَلَكَ الْهِبَةَ الْمُعَيَّنَةَ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ عَلَى رِوَايَةٍ، وَلِهَذَا حَكَى طَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي بَيْعِ الْمُبَاحَاتِ النَّابِتَةِ وَالْجَارِيَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ [قَبْلَ حِيَازَتِهَا] رِوَايَتَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي أَنَّهَا عَيْنٌ مَمْلُوكَةٌ وَمِمَّنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ صَاحِبُ الْمُقْنِعِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَوَجْهُ صِحَّةِ الْبَيْعِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَيْسَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَهُوَ كَالْمَمْلُوكِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ بَيْعِ الصِّكَاكِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهَا، وَأَمَّا تَصَرُّفُ الْأَبِ فِي أَمَةِ وَلَدِهِ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ أَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُحْبِلْهَا، فَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكْ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَقْبِضَهَا، وَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ صَارَتْ مِلْكًا لَهُ بِالْوَطْءِ بِمُجَرَّدِهِ، وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الْقَاضِي وَذَكَرَ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ ابْنِ شَاقِلَا قَالَ الشَّيْخُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ عَبْدَ الْعَزِيزِ، رَوَى الْأَثْرَمُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَطِئَهَا زَوْجُهَا وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَدَاعَيَاهُ جَمِيعًا أَرَى الْقَافَةَ.

وَقَالَ إذَا وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ ابْنِهِ وَإِنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَ فَلَا حَدَّ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهَا بِنَفْسِ الْوَطْءِ مِلْكٌ لَهُ قَالَ الشَّيْخُ فِي نَفْسِي مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَثْرَمِ شَيْءٌ انْتَهَى.

فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ إذَا وَطِئَ الرَّجُلُ جَارِيَةَ ابْنِهِ إلَى آخِرِهِ مِنْ تَمَامِ رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَنْصُوصًا عَنْ أَحْمَدَ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي التَّنْبِيهِ كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وَطِئَ يُرِيدُ أَنَّ تَمَلُّكَهَا يَثْبُتُ مَعَ وَطْءِ الِابْنِ فَأَمَّا ثُبُوتُ الِاسْتِيلَادِ فَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ عَنْ أَحْمَدَ كَلَامًا يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي أَنَّهَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يُنَافِي الِاسْتِيلَادَ وَكَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى التَّأْبِيدِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكَةِ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ النَّسَبَ لَا يَلْحَقُ بِوَطْءِ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا صَغِيرًا لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ وَابْنِ بُخْتَانَ وَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ أَبِي مُوسَى فَلِمُؤَبَّدَةِ التَّحْرِيمِ أَوْلَى هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الِابْنُ قَدْ اسْتَوْلَدَهَا فَإِنْ كَانَ اسْتَوْلَدَهَا لَمْ يَنْتَقِلْ الْمِلْكُ فِيهَا بِاسْتِيلَادِ غَيْرِهِ كَمَا لَا يَنْتَقِلُ بِالْعُقُودِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ أَنَّهَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لَهُمَا جَمِيعًا كَمَا لَوْ وَطِئَ الشَّرِيكَانِ أَمَتَهُمَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِهِمَا لَكِنْ فِي مَسْأَلَةِ الْقَافَةِ حُكِمَ بِاسْتِيلَادِهِمَا [لَهَا] دُفْعَةً وَاحِدَةً وَفِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ ثَبَتَ اسْتِيلَادُ الِابْنِ أَوَّلًا لَهَا فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أُمُّ الْوَلَدِ تُمْلَكُ بِالْقَهْرِ عَلَى رِوَايَةٍ وَالِاسْتِيلَادُ سَبَبٌ قَهْرِيٌّ وَمِنْهَا تَصَرُّفُ السَّيِّدِ فِي مَالِ عَبْدِهِ الَّذِي مَلَّكَهُ إيَّاهُ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ، ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَيَكُونُ اسْتِرْجَاعًا لِتَضَمُّنِهِ إيَّاهُ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ حَمْلَهُ عَلَى أَنَّهُ سَبَقَ

<<  <   >  >>