للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظهري من الحد، فنزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] » . رواه البخاري. ولأن الزوج يبتلي بقذف امرأته، لنفي العار والنسب الفاسد، وتتعذر عليه البينة، ولأنه قد يحتاج إلى نفي النسب الفاسد، ولا ينتفي إلا باللعان، لتعذر الشهادة على نفيه، وله الملاعنة، وإن قدر على البينة كذلك، ولأنهما حجتان، فملك إقامة أيهما شاء، كالرجلين، والرجل والمرأتين في المال.

فصل:

ولا يعرض له حتى تطالبه زوجته؛ لأن الحق لها، فلا يستوفى من غير طلبها، كالدين، فإن عفت عن الحد، أو لم تطالب، لم تجز مطالبته ببينة ولا حد ولا لعان، ولا يملك ولي المجنونة، والصغيرة وسيد الأمة، المطالبة بالتعزيز من أجلهن؛ لأنه حق ثبت للتشفي، فلا يقوم غير المستحق مقامه فيه، كالقصاص. فإن أراد الزوج اللعان من غير طلبها، وليس بينهما نسب يريد نفيه، لم يملك ذلك؛ لأنه لا حاجة إليه، وإن كان بينهما نسب يريد نفيه، فله أن يلاعن؛ لأنه محتاج إليه، فيشرع كما لو طالبته، ولأن نفيه حق له، فلا يسقط برضاها به ويحتمل ألا يشرع اللعان، كما لو صدقته.

[فصل في شروط المتلاعنين]

فصل:

ويصح اللعان بين كل زوجين مكلفين، لعموم قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] ولأن اللعان لدرء عقوبة القذف، ونفي النسب الباطل، والكافر والعبد كالمسلم الحر فيه، وعنه: لا يصح اللعان إلا بين مسلمين، عدلين حرين غير محدودين في قذف؛ لأن اللعان شهادة، بدليل قول الله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} [النور: ٦] فلا يقبل ممن ليس من أهل الشهادة، وقال القاضي: من لا يحد بقذفها كالذمية والأمة، والمحدودة في الزنا، إن كان بينهما ولد يريد نفيه، فله اللعان لنفيه؛ لأنه محتاج إليه، وإلا فلا لعان بينهما لأن اللعان لإسقاط حد، أو نفي نسب، ولم يوجد واحد منهما. وإن كان أحد الزوجين صبياً، أو مجنوناً، فلا لعان بينهما؛ لأن غير المكلف لا حكم لقوله، ونفي حكم الولد، إنما يحصل بتمام اللعان، ولا يتم اللعان مع عدم القول منها. وقال القاضي: له لعان المجنونة، إن كان ثم نسب يريد نفيه؛ لأنه محتاج إليه، فإن كان أحدهما أخرس وليست له إشارة مفهومة، ولا كتابة، فهو كالمجنون. لأنه لا يعلم طلبها، ولا يتصور لعانهما. وإن كان له إشارة

<<  <  ج: ص:  >  >>