للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا بالأيمان الكاملة، ولأن الخمسين في القسامة، كاليمين الواحدة في غيرها.

والآخر: يحلف خمسًا وعشرين يمينًا، هذا قول ابن حامد؛ لأنه لو كان أخوه كبيرًا حاضرًا، لم يحلف إلا خمسًا وعشرين، فكذلك إذا كان صغيرًا أو غائبًا، ولأنه لا يستحق أكثر من نصف الدية، فلا يلزمه أكثر من نصف الأيمان، فإذا قدم الغائب، وبلغ الصغير، حلف نصف الأيمان وجهًا واحدًا؛ لأنه يبني على يمين غيره، ويستحق قسطه من الدية، فإن كانوا ثلاثة، فعلى قول ابن حامد: يحلف كل واحد سبعة عشر يمينًا، وعلى قول أبي بكر: يحلف الأول خمسين. وإذا قدم الثاني حلف خمسًا وعشرين، فإذا قدم الثالث حلف سبعة عشر يمينًا.

فصل

قال أصحابنا: ولا مدخل للنساء في القسامة؛ لأنه لا مدخل لهن في العقل، فإذا كان في الورثة رجال ونساء، أقسم الرجال دون النساء، فإن كانت المرأة مدعى عليها، فينبغي أن تقسم؛ لأن اليمين لا تشرع في حق غير المدعى عليه، ولو كان جميع ورثة القتيل نساء، احتمل أن يقسم المدعى عليهم؛ لتعذر الأيمان من المدعين، واحتمل أن يقسم من عصبات القتيل خمسون رجلًا، ويثبت الحق للنساء إذا قلنا: إن القسامة تشرع في حق غير الوارث، فإن لم يوجد من عصبته خمسون، قسمت على من وجد منهم.

فصل

واللوث المشترط في القسامة: هو العداوة الظاهرة بين القتيل والمدعى عليه، كنحو ما بين الأنصار ويهود خيبر، وما بين القبائل المتحاربين، وما بين أهل البغي والعدل، وما بين الشرطة واللصوص؛ لأن اللوث إنما ثبت بحكم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الأنصاري المقتول بخيبر عقيب قول الأنصار: عدي على صاحبنا فقتل، وليس لنا بخيبر عدو إلا يهود، فقضى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم باليمين، فوجب أن يعلل بذلك، ويعدى إلى مثله، ولا يلحق به ما يخالفه. وعنه: أن اللوث ما يغلب على الظن صدق المدعي في أن المدعى عليه قتله؛ إما العداوة المذكورة، أو تفرق جماعة عن قتيل، أو وجود قتيل عقيب ازدحامهم، أو في مكان عنده في رجل معه سيف أو حديدة ملطخة بدم، أو يقتتل طائفتان، فيوجد في إحداهما قتيل، أو يشهد بالقتل من لا تقبل شهادته من: النساء، والصبيان، والعبيد، والفساق، أو عدل واحد؛ لأن العداوة إنما كانت لوثًا، لتأثيرها في غلبة الظن بصدق المدعي، فنقيس عليها ما شاركها في ذلك، فأما قول القتيل: دمي عند فلان، فليس بلوث؛ لأن قوله غير مقبول على خصمه، ولو شهد عدلان أن أحد هذين هو القاتل، لم يكن لوثًا؛ لأنهم لم يعينوا واحدًا، ومن شرط القسامة التعيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>