للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عائلة، أجري عليهم قدر كفايتهم؛ لأن فيه تطييب قلوب المجاهدين، فمتى علموا أن عيالهم يكفون المؤنة بعد موتهم، توفروا على الجهاد. وإن علموا خلاف ذلك، توفروا على الكسب، وآثروه على الجهاد. فإذا بلغ الذكور منهم، فاختاروا أن يكونوا من المقاتلة، فرض لهم. وإن لم يختاروا، تركوا. ومتى تزوجت المرأة، سقط حقها؛ لأنها خرجت من عيال الميت. ومن مات بعد حلول وقت العطاء، دفع إلى ورثته حقه؛ لأنه مات بعد الاستحقاق، فانتقل حقه إلى وارثه، كسائر الموروثات.

فصل:

وينبغي للإمام أن يضع ديوانا يكتب فيه أسماء المقاتلة، وقدر أرزاقهم لما روي عن أبي هريرة قال: قدمت على عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثمانمائة ألف درهم، فلما أصبح، أرسل إلى نفر من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال لهم: قد جاء للناس مال لم يأتيهم مثله منذ كان الإسلام، أشيروا علي بمن أبدأ؟ قالوا: بك يا أمير المؤمنين، إنك ولي ذلك. قال: لا، ولكن ابدءوا بأهل بيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، الأقرب فالأقرب، فوضع الديوان على ذلك، ويجعل لكل طائفة عريفا يقوم بأمرهم ويجمعهم وقت العطاء، ووقت الغزو؛ لأنه يروى أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل عام خيبر على كل عشرة عريفا، ويجعل العطاء في كل عام مرة أو مرتين. ولا يجعل في أقل من ذلك، لئلا يشغلهم عن الغزو، ويبدأ ببني هاشم؛ لأنهم أقارب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما ذكرنا من خبر عمر، ثم ببني المطلب، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد» وشبك بين أصابعه. ثم ببني عبد شمس؛ لأنه أخو هاشم لأبيه وأمه. قال آدم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: عبد شمس كان يتلو هاشما، وهما بعد لأم وأب، ثم ببني نوفل؛ لأنه أخو هاشم لأبيه، ثم يعطى بنو عبد العزى، وعبد الدار ويقدم عبد العزى؛ لأن فيهم أصهار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإن خديجة منهم، فعلى هذا: يعطى الأقرب فالأقرب، حتى تنقضي قريش، وهم بنو النضر بن كنانة، ثم يقدم الأنصار على سائر العرب لسابقتهم وآثارهم الجميلة، ثم سائر العرب، ثم العجم، وإن استوى اثنان في الدرجة، قدم أسنهما، ثم أقدمهما هجرة وسابقة.

فصل:

واختلفت الرواية عن أحمد في جواز تفضيل بعضهم على بعض، فروي عنه: أنه يسوى بينهم في العطاء، ولا يجوز التفضيل؛ لأن أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سوى بينهم فيه، وقال: فضائلهم عند ربهم؛ ولأن الغنائم تقسم بين من حضر الوقعة على السواء، فكذلك الفيء. وعنه: أن للإمام تفضيل قوم على قوم؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قسم بينهم على السوابق، وقال: لا أجعل من قاتل على الإسلام كمن قوتل عليه ولأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قسم النفل بين أهله متفاضلا، وهذا في معناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>