للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقر له الدين، لزمه العبد، والقول قول المالك في نفي الدين مع يمينه؛ لأن العين ثبتت له بالإقرار، وادعى المقر ديناً، فكان القول قول من ينكره، وكذلك لو أقر بدار، وقال: قد استأجرتها، أو بثوب، وادعى أنه قصره أو خاطه بأجرة، أو بعبد، وادعى استحقاق خدمته، أو أقر بسكنى دار غيره، فادعى أنه سكنها بإذنه، فالقول قول المالك مع يمينه لما ذكرناه.

وإن قال: له علي ألف من ثمن مبيع لم أقبضه، ففيه وجهان: أحدهما: القول قول المالك كما ذكرنا.

والثاني: القول قول المقر؛ لأنه أقر بحق في مقابلة حق لا ينفك أحدهما عن الآخر، فإذا لم يسلم له ماله، لم يسلم ما عليه، كما لو قال لرجل: بعتك هذا بألف، وقال بل ملكتنيه بغير شيء، وفارق ما لو قال: لك عندي رهن، فقال المالك: بل وديعة؛ لأن الدين بنفسك عن الرهن، والثمن لا ينفك عن المبيع، ولو قال: له علي ألف من ثمن مبيع، ثم سكت، ثم قال: لم أقبضه قبل، كالمتصل؛ لأن إقراره تعلق بالمبيع، والأصل عدم القبض، فقبل قوله فيه، ولو قال: له علي ألف، ثم سكت، ثم قال: من ثمن مبيع لم أقبضه، لم يقبل؛ لأنه فسر إقراره بما يمنع وجوب التسليم بكلام منفصل، كما لو قال: له علي ألف، ثم سكت، ثم قال قبضتها.

فصل

وإذا قال: له عندي ألف، ثم قال: هي وديعة، قبل تفسيره، سواء قال ذلك متصلاً أو منفصلاً؛ لأنه فسر لفظه بما يقتضيه، فقبل، كما لو قال: له علي ألف وفسره بدين، فعند ذلك تثبت أحكام الوديعة، بحيث لو ادعى تلفها، كان القول قوله، ولو قال: له عندي ألف فطالبه به بعد مدة، فقال: كانت وديعة، فتلفت، أو قال: رددتها عليك، فالقول قوله، نص عليه أحمد، كما ذكرنا، ولو قال: لك عندي وديعة وقد تلفت، فقال القاضي: يقبل قوله كذلك، ويتوجه أن لا يقبل ها هنا؛ لأن الألف المردود والتالف ليس عنده، ولا هي وديعة: وإن قال: كانت عندي فظننتها باقية، ثم عرفت أنها هلكت، فالحكم فيها كالتي قبلها.

ولو قال: له عندي ألف، ثم فسره بدين عليه، قبل؛ لأنه يقر بما هو أغلظ، وإن قال: له علي ألف، ثم قال: وديعة، وقال المقر له: بل هي دين، فالقول قول المقر له؛ لأن "علي" للإيجاب في الذمة، والإقرار يؤخذ فيه بظاهر اللفظ، بدليل أنه لو أقر بدراهم، أخذ بثلاثة، فعند ذلك تثبت أحكام الدين، فلا تسمع دعواه تلفها.

وإن قال: لك علي ألف، ثم أحضرها وقال: هذه التي أقررت بها، وهي وديعة، فقال المقر له: هذه وديعة، والمقر به غيرها، دين عليك، فالقول قول المقر له، لما ذكرناه.

هذا ظاهر كلام الخرقي وقال القاضي: القول قول المقر، إلا أن يكون قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>