للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علي ألف في ذمتي، فيكون القول قول المقر له، قال: وقد قيل: القول قول المقر؛ لأنه يحتمل أنه أراد: في ذمتي أداؤها، أو يكون وديعة تعدى فيها، وإذا لم يقل: في ذمتي، قبل قوله؛ لأن الوديعة عليه حفظها وأداؤها؛ لأن حروف الصلة يخلف بعضها بعضاً، قال الله تعالى إخباراً عن موسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} [الشعراء: ١٤] أي: عندي.

وإن قال: له علي ألف وديعة، قبل؛ لأنه وصل كلامه بما يحتمله، فصح، كما لو قال: ألف نقص، وإن قال: له علي ألف وديعة ديناً، أو مضاربة ديناً، صح؛ لأنه قد يتعدى فيها فتكون ديناً.

[باب الرجوع عن الإقرار]

ومن أقر بحق لآدمي، أو حق لله تعالى، لا تسقطه الشبهة، كالزكاة، والكفارة، ثم رجع عن إقراره لم يقبل رجوعه؛ لأنه حق ثبت لغيره، فلم يسقط بغير رضاه، كما لو ثبت ببينة، وإن أقر بحد، ثم رجع عنه، قبل رجوعه؛ «لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما أتاه ماعز، فشهد على نفسه أربع شهادات، دعاه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: هل بك جنون» ؟ متفق عليه، فلو لم يسقط بالرجوع، لما عرض له به، ولو أقيم عليه بعض الحد، ثم رجع، قبل رجوعه، ويخلى سبيله، لما روي «أن ماعزاً هرب في أثناء رجمه، قال جابر: فأدركناه بالحرة، فرجمناه حتى مات، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فهلا تركتموه يتوب، فيتوب الله عليه» ، ولأنه إذا سقط جميعه بالرجوع، فبعضه أولى وإن هرب في أثناء الحد ترك، لما رويناه، ولأنه يحتمل الرجوع، فإن لم يتركوه حتى قتلوه، لم يضمنوه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يضمنهم ديته، ولأن الهرب ليس بصريح في الرجوع، فلم يسقط به المتيقن.

فصل

وإذا قال: هذه الدار لزيد، بل لعمرو، أو غصبتها من زيد، بل من عمرو، حكم بها لزيد؛ لأن إقراره له بها، ولم يقبل رجوعه عن إقراره له؛ لأنه حق لآدمي، ويلزمه أن يغرم قيمتها لعمرو؛ لأنه حال بينه وبين ماله، لإقراره به لغيره، فلزمه ضمانه، كما لو أتلفه، وإن قال: غصبتها من أحدهما، طولب بالتعيين، فإن عين أحدهما، لزمه دفعها إليه، وعليه اليمين للآخر، فإن نكل عنها، غرم له، لما ذكرنا.

وإن قال: غصبتها من زيد، وملكها لعمرو، لزمه دفعها إلى زيد، لإقراره له باليد، ولا يقبل قوله: ملكها لعمرو؛ لأنه إقرار على غيره، ولا يغرم لعمرو شيئاً؛ لأنه لا تفريط منه، إذ يجوز أن يكون ملكها لعمرو، وهي في يد زيد بإجارة، أو غيرها.

وإن قال: ملكتها لزيد

<<  <  ج: ص:  >  >>