للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانية: يأتي بركعة ثم يجلس؛ لأنه يروى عن ابن مسعود، وسعيد بن المسيب، ومسروق: فإذا جلس مع الإمام في تشهده الأخير كرر التشهد الأول، فإذا قضى ما عليه تشهد، وصلى على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم سلم.

فصل:

وإن فاتته الجماعة استحب أن يصلي في جماعة أخرى، فإن لم يجد إلا من قد صلى استحب لبعضهم أن يصلي معه، لما «روى أبو سعيد: أن رجلًا جاء وقد صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: من يتصدق على هذا فيصلي معه؟» وهذا حديث حسن؛ ولقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» ويجوز ذلك في جميع المساجد، إلا أن أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كرهه في المسجد الحرام ومسجد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فصل:

ويتبع المأموم الإمام، فيجعل أفعاله بعد أفعاله؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا» متفق عليه. والفاء للتعقيب، وقال في حديث أبي موسى: «فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم» رواه مسلم. «وقال البراء بن عازب: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا قال: سمع الله لمن حمده لم يحن أحد منا ظهره، حتى يقع ساجدًا، ثم نقع سجودًا بعده» متفق عليه.

فإن كبر للإحرام مع إمامه أو قبله لم يصح؛ لأنه ائتم بمن لم تنعقد صلاته، وإن فعل سائر الأفعال معه كره لمخالفة السنة، ولم تفسد صلاته؛ لأنه اجتمع معه في الركن، وإن ركع أو رفع قبله عمدًا أتم؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام» والنهي يقتضي التحريم.

وروى أبو هريرة عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار» متفق عليه. وظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن صلاته تبطل لهذا الحديث. قال: لو كان له صلاة لرجي له الثواب، ولم يخش عليه العقاب.

وقال القاضي: تصح صلاته؛ لأنه اجتمع معه في الركن، أشبه ما لو وافقه، وإن فعله جاهلًا أو ناسيًا فلا بأس. وعليه أن يعود ليأتي بذلك معه، فإن لم يفعل صحت

<<  <  ج: ص:  >  >>