للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت مع صاحب لي في السفر، فكنت أتم وصاحبي يقصر، فقال: بل أنت الذي كنت تقصر وصاحبك يتم.

فصل:

وإذا نوى المسافر الإقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم، وإن نوى دونها قصر، وعنه: إن نوى الإقامة أربعة أيام أتم؛ لأن الثلاث حد القلة بدليل أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثًا» رواه أبو داود. فإذا أقام أربعًا فقد زاد على حد القلة، فيتم، والأول المذهب؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقام بمكة فصلى بها إحدى وعشرين صلاة يقصر فيها، وذلك أنه قدم لصبح رابعة، فأقام إلى يوم التروية، فصلى الصبح ثم خرج، فمن أقام مثل إقامته قصر، ومن زاد أتم، ذكره الإمام أحمد، «قال أنس: أقمنا بمكة عشرًا نقصر الصلاة» ، ومعناه ما ذكرناه؛ لأنه حسب خروجه إلى منى وعرفة وما بعده من العشرة، وفي هذا الحديث دليل على أن من قصد بلدًا ينوي الرجوع عنه قريبًا فله القصر فيه؛ لكون النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصر بمكة وهي مقصده، وفيه دليل على أن من قصد رستاقًا، يتنقل فيه لا ينوي إقامة في موضع واحد فله القصر؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قصر بمكة ومنى وعرفة عشرًا، ومن كان بمكة مقيمًا فخرج إلى عرفة عازمًا على أنه إذا رجع إلى مكة لا يقيم بها، فله القصر من حين خروجه، ولو خرج المسافر، فذكر حاجة في بلده قصر في رجوعه إليها، فإذا وصل البلد، فإن كان له به أهل أو مال أتم، وإلا قصر فيه أيضًا.

ومتى مر المسافر ببلده له به أهل أو ماشية أتم؛ لأن ذلك يروى عن عثمان وابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.

فصل:

ومن لم يجمع على إقامة إحدى وعشرين صلاة قصر، وإن أقام دهرًا، مثل من يقيم لحاجة يرجو إنجازها، أو جهاد أو حبس سلطان أو عدو أو مرض، سواء غلب

<<  <  ج: ص:  >  >>