للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثالث: وجود العذر حال افتتاح الأولى، والفراغ منها، وافتتاح الثانية؛ لأن افتتاح الأولى موضع النية، وبافتتاح الثانية يحصل الجمع، فاعتبر العذر فيها، فإن انقطع العذر في غير هذه المواضع لم يؤثر، وإن جمع في وقت الثانية اعتبر أن ينوي التأخير للجمع في وقت الأولى، إلى أن يبقى منه قدر فعلها، واستمرار العذر إلى وقت الثانية، ولا يعتبر وجوده في وقت الثانية؛ لأنها صارت في غير وقتها، وقد جوز له التأخير ولا يعتبر المواصلة بينهما في أصح الوجهين؛ لأن الثانية مفعولة في وقتها، فهي أداء على كل حال، والأولى معها كصلاة فائتة.

فصل:

والسبب الثاني: المطر يبيح الجمع بين المغرب والعشاء؛ «لأن أبا سلمة قال: من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء» ، وكان ابن عمر يجمع إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء، ولا يجمع بين الظهر والعصر للمطر، قال أحمد: ما سمعت بذلك، وهذا اختيار أبي بكر، وذكر بعض أصحابنا وجهًا في جوازه قياسًا على الليل، ولا يصح لأن المشقة في المطر إنما تعظم في الليل لظلمته، فلا يقاس عليه غيره.

والمطر المبيح للجمع هو الذي يبل الثياب، وتلحق المشقة بالخروج فيه والثلج مثله في هذا، فأما الطل والمطر الذي لا يبل الثياب، فلا يبيح الجمع؛ لعدم المشقة فيه، وهل يجوز الجمع لمن يصلي منفردًا، أو لمقيم في المسجد، أو من طريقه إليه في ظلال؟ على وجهين:

أحدهما: لا يجوز لعدم المشقة.

والثاني: يجوز؛ لأن العذر العام لا يعتبر فيه حقيقة المشقة كالسفر.

والوحل بمجرده مبيح للجمع؛ لأنه يساوي المطر في مشقته وإسقاطه للجمعة والجماعة، فهو كالمطر، وفيه وجه آخر أنه لا يبيح، لاختلافهما في المشقة، وفي الريح الشديدة في الليلة المظلمة وجهان.

فصل:

والسبب الثالث: المرض يبيح الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء إذا لحقه بتركه مشقة وضعف؛ لأن «ابن عباس قال: جمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر» متفق عليه. وقد أجمعنا على

<<  <  ج: ص:  >  >>