للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذبح النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن أزواجه» . رواه مسلم. ولأنه دم نسك فجاز الأكل منه كالأضحية، ولا يجوز الأكل من واجب سواها؛ لأنه كفارة فلم يجز الأكل منه، ككفارة اليمين، وعنه: له الأكل من الجميع، إلا المنذور، وجزاء الصيد، ولا يجوز الأكل من الهدي المنذور في الذمة؛ لأنه نذر إيصاله إلى مستحقيه، فلم يجز أن يأكل منه، كما لو نذر لهم طعاماً، وما ساقه تطوعاً استحب الأكل منه، سواء عينه أو لم يعينه. لقول الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: ٣٦] . وأقل أحوال الأمر الاستحباب. وقال جابر: «أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من كل بدنة ببضعة. فجعلت في قدر، فأكل منها وحسا من مرقها» . ولأنه دم نسك فأشبه الأضحية. قال ابن عقيل: حكمه في الأكل، والتفريق حكمها. وقال جابر: «كنا لا نأكل من بدننا فوق ثلاث، فرخص لنا النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: كلوا وتزودوا فأكلنا وتزودنا» ، رواه البخاري ومسلم ونحوه. والمستحب الاقتصار على اليسير في الأكل، لفعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بدنه. وإن أطعمها كلها فحسن، فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نحر خمس بدنات، ثم قال: «من شاء اقتطع» رواه أبو داود. وظاهر هذا أنه لم يأكل منها شيئاً، ويجوز للمهدي تفريق اللحم بنفسه، ويجوز إطلاقه للفقراء، استدلالاً بهذا الحديث.

فصل:

إذا نذر هدياً مطلقاً فأقل ما يجزئه شاة، أو سبع بدنة أو بقرة. لأن المطلق يحمل على أصله في الشرع، ولا يجزئ إلا ما يجزئ في الأضحية. ويمنع فيه من العيب ما يمنع فيها. وإن عينه بنذره ابتداء أجزأه ما عينه كبيراً أو صغيراً أو حيواناً أو غيره؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فكأنما قرب دجاجة، وكأنما قرب بيضة» وإذا أطلق بالنسبة إلى مكانه، وجب إيصاله إلى فقراء الحرم. لأن ذلك المعهود في الهدي. وإن عين الذبح بمكان غيره في نذره لزمه ذلك، ما لم يكن فيه معصية، لما روي «أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني نذرت أن أنحر ببوانة. قال: هل بها صنم قال: لا. قال: أوف بنذرك» رواه أبو داود.

فصل:

ومن وجب عليه دم أجزأه ذبح شاة، أو سبع بدنة أو بقرة. لقول ابن عباس: في هدي المتعة شاة، أو شرك في دم، فإن ذبح بدنة احتمل أن يكون جميعها واجباً، كما لو اختار التكفير بأعلى الكفارات، واحتمل أن يكون سبعها واجباً وباقيها تطوعاً؛ لأن سبعها يجزئه فأشبه ما لو ذبح شياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>