للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وإن أهدى له قبل الوفاء من غير عادة، أو استأجر منه بأكثر من الأجرة، أو أجره شيئاً بأقل، أو استعمله عملاً، فهو خبيث إلا أن يحسبه من دينه، كما روى الأثرم: أن رجلاً كان له على سماك عشرون درهماً، فجعل يهدي إليه السمك ويقومه، حتى بلغ ثلاثة عشر درهماً، فسأل ابن عباس فقال: أعطه سبعة دراهم. وروى ابن ماجه عن أنس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذا أقرض أحدكم قرضاً فأهدى إليه، أو حمله على الدابة، فلا يركبها ولا يقبله، إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك» فإن كان بينهما عادة بذلك قبل القرض أو كافأه، فلا بأس؛ لهذا الحديث.

فصل

وإن أفلس غريمه، فأقرضه ليوفيه كل شهر شيئاً منه، جاز؛ لأنه إنما انتفع باستيفاء ما يستحق استيفاؤه. ولو كان له طعام عليه، فأقرضه ما يشتريه به ويوفيه، جاز لذلك. ولو أراد تنفيذ نفقة إلى عياله، فأقرضها رجلاً ليوفيها لهم، فلا بأس؛ لأنه مصلحة لهما، لا ضرر فيه، ولا يرد الشرع بتحريم ذلك.

قال القاضي:

ويجوز قرض مال اليتيم للمصلحة

، مثل أن يقرضه في بلد ليوفيه في بلد آخر، ليربح خطر الطريق. وفي معنى هذا: قرض الرجل فلّاحه حباً يزرعه في أرضه، أو ثمناً يشتري به بقراً وغيرها؛ لأنه مصلحة لهما. وقال ابن أبي موسى: هذا خبيث.

فصل

وإذا قال المقرض: إذا مت، فأنت في حل، فهي وصية صحيحة. وإن قال: إن مت، فأنت في حل، لم يصح؛ لأنه إبراء علق على شرط. وإن قال: اقترض لي مائة ولك عشرة، صح؛ لأنها جعالة على ما بذله من جاهه. وإن قال: تكفل عني بمائة ولك عشرة، لم يجز؛ لأنه يلزمه أداء ما كفل به، فيصير له على المكفول، فيصير بمنزلة من أقرضه مائة، فيصير قرضاً جر نفعاً. ولو أقرضه تسعين عدداً بمائة عدداً، وزنهما واحد، وكانت لا تتفق برؤوسها، فلا بأس به؛ لأنه لا تفاوت بينهما في قيمة ولا وزن، وإن كانت تتفق في موضع برؤوسها، لم يجز؛ لأنها زيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>