للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحَدِيثُ الرَّابِعُ: حَدِيثُ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ» وَفِي هَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ خَامِسٌ صَحَّحَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: - «إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا» فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَجْهِ جَمْعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.

فَمِنَ النَّاسِ مَنِ اسْتَثْنَى مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ عَلَى حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» الْمَأْمُومَ فَقَطْ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ لِمَكَانِ النَّهْيِ الْوَارِدِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: ٢٠٤] قَالُوا: وَهَذَا إِنَّمَا وَرَدَ فِي الصَّلَاةِ. وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى الْقِرَاءَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُصَلِّي للْمَأْمُومِ فَقَطْ سِرًّا كَانَتِ الصَّلَاةُ أَوْ جَهْرًا، وَجَعَلَ الْوُجُوبَ الْوَارِدَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فَقَطْ مَصِيرًا إِلَى حَدِيثِ جَابِرٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَصَارَ عِنْدَهُ حَدِيثُ جَابِرٍ مُخَصِّصًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَاقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ فَقَطْ» ; لِأَنَّهُ لَا يَرَى وُجُوبَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا يَرَى وُجُوبَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَحَدِيثُ جَابِرٍ لَمْ يَرْوِهِ مَرْفُوعًا إِلَّا جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ، وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَرْفُوعًا عَنْ جَابِرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>