للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُمْدَةُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجب عَلَيْهِ حَقَّانِ: حَقُّ اللَّهِ وَحَقٌّ لِلْآدَمِيِّ، فَلَمْ يُسْقِطْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَصْلُهُ السَّرِقَةُ الَّتِي يَجِبُ بِهَا عِنْدَهُمْ غُرْمُ الْمَالِ وَالْقَطْعُ.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُوجِبِ الصَّدَاقَ، فَتَعَلَّقَ فِي ذَلِكَ بِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ حَقَّانِ: حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْمَخْلُوقِ سَقَطَ حَقُّ الْمَخْلُوقِ لِحَقِّ اللَّهِ، وَهَذَا عَلَى رَأْيِ الْكُوفِيِّينَ فِي أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ عَلَى السَّارِقِ غُرْمٌ وَقَطْعٌ.

وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنَّ الصَّدَاقَ لَيْسَ مُقَابِلَ الْبُضْعِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِبَادَةٌ إِذْ كَانَ النِّكَاحُ شَرْعِيًّا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا صَدَاقَ فِي النِّكَاحِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ الشَّرْعِ.

وَمِنْ مَسَائِلِهِمُ الْمَشْهُورَةِ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ غَصَبَ أُسْطُوَانَةً فَبَنَى عَلَيْهَا بِنَاءً يُسَاوِي قَائِمًا أَضْعَافَ قِيمَةِ الْأُسْطُوَانَةِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يُحْكَمُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْهَدْمِ وَيَأْخُذُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أُسْطُوَانَتَهُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَفُوتُ بِالْقِيمَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ غَيَّرَ الْمَغْصُوبَ بِصِنَاعَةٍ لَهَا قِيمَةٌ كَثِيرَةٌ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَفُوتُ الْمَغْصُوبَ بِشَيْءٍ مِنَ الزِّيَادَةِ. وَهُنَا انْقَضَى هَذَا الْكِتَابُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>