للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَشَذَّ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: لَا يُعَصِّبُهُنَّ إِلَّا إِذَا كَانَ فِي مَرْتَبَتِهِنَّ.

وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ إِذَا تَرَكَ الْمُتَوَفَّى بِنْتًا لِصُلْبٍ وَبِنْتَ ابْنٍ أَوْ بَنَاتِ ابْنٍ لَيْسَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ أَنَّ لِبَنَاتِ الِابْنِ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَخَالَفَتِ الشِّيعَةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَتْ: لَا تَرِثُ بِنْتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ شَيْئًا كَالْحَالِ فِي ابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ، فَالِاخْتِلَافُ فِي بَنَاتِ الِابْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ: مَعَ بَنِي الِابْنِ، وَمَعَ الْبَنَاتِ فِيمَا دُونَ الثُّلُثَيْنِ وَفَوْقَ النِّصْفِ. فَالْمُتَحَصِّلُ فِيهِنَّ إِذَا كُنَّ مَعَ بَنِي الِابْنِ أَنَّهُ قِيلَ: يَرِثْنَ، وَقِيلَ: لَا يَرِثْنَ، وَإِذَا قِيلَ يَرِثْنَ فَقِيلَ يَرِثْنَ تَعْصِيبًا مُطْلَقًا، وَقِيلَ يَرِثْنَ تَعْصِيبًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنَ السُّدْسِ. وَإِذَا قِيلَ يَرِثْنَ فَقِيلَ أَيْضًا إِذَا كَانَ ابْنُ الِابْنِ فِي دَرَجَتِهِنَّ وَقِيلَ كَيْفَمَا كَانَ، وَالْمُتَحَصِّلُ فِي وِرَاثَتِهِنَّ مَعَ عَدَمِ ابْنِ الِابْنِ فِيمَا فَضَلَ عَنِ النِّصْفِ إِلَى تَكْمِلَةِ الثُّلُثَيْنِ قِيلَ: يَرِثْنَ، وَقِيلَ: لَا يَرِثْنَ.

[مِيرَاثُ الزَّوْجَاتِ]

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ مِيرَاثَ الرَّجُلِ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا لَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ: النِّصْفُ، ذَكَرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ أُنْثَى، إِلَّا مَا ذَكَرْنَا عَنْ مُجَاهِدٍ، وَأَنَّهَا إِنْ تَرَكَتْ وَلَدًا فَلَهُ الرُّبُعُ.

وَأَنَّ مِيرَاثَ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا إِذَا لَمْ يَتْرُكِ الزَّوْجُ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ ابْنٍ: الرُّبُعُ، فَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ فَالثُّمُنُ.

وَأَنَّهُ لَيْسَ يَحْجُبُهُنَّ أَحَدٌ عَنِ الْمِيرَاثِ وَلَا يَنْقُصُهُنَّ إِلَّا الْوَلَدُ، وَهَذَا لِوُرُودِ النَّصِّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} [النساء: ١٢] الْآيَةَ.

[مِيرَاثُ الْأَبِ وَالْأُمِّ]

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْأَبَ إِذَا انْفَرَدَ كَانَ لَهُ جَمِيعُ الْمَالِ، وَأَنَّهُ إِذَا انْفَرَدَ الْأَبَوَانِ كَانَ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْأَبِ الْبَاقِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] .

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْأَبَوَيْنِ مِنْ مِيرَاثِ ابْنِهِمَا إِذَا كَانَ لِلِابْنِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ السُّدُسَانِ، أَعْنِي أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١١] . وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الذَّكَرُ دُونَ الْأُنْثَى.

وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأَبَ لَا يُنْقَصُ مَعَ ذَوِي الْفَرَائِضِ مِنَ السُّدُسِ وَلَهُ مَا زَادَ.

وَأَجْمَعُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْأُمَّ يَحْجُبُهَا الْإِخْوَةُ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] . وَاخْتَلَفُوا فِي أَقَلَّ مَا يَحْجُبُ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ مِنَ الْإِخْوَةِ، فَذَهَبَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنُ مَسْعُودٍ إِلَى أَنَّ الْإِخْوَةَ الْحَاجِبِينَ هُمَا اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِلَى أَنَّهُمْ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا، وَأَنَّ الِاثْنَيْنِ لَا يَحْجُبَانِ الْأُمَّ مِنَ الثُّلُثِ إِلَى السُّدُسِ، وَالْخِلَافُ آيِلٌ إِلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ.

فَمَنْ قَالَ: أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ قَالَ: الْإِخْوَةُ الْحَاجِبُونَ ثَلَاثَةٌ فَمَا فَوْقُ. وَمَنْ قَالَ: أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ اثْنَانِ قَالَ: الْإِخْوَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>