للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَدْرَكَ الصَّلَاتَيْنِ مَعًا أَوْ حُكْمَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَعَلَ آخِرَ الْوَقْتِ الْخَاصِّ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ فِي اشْتِرَاكِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، إِلَّا أَنَّ الْوَقْتَ الْخَاصَّ مَرَّةً جَعَلَهُ لِلْمَغْرِبِ فَقَالَ: هُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَمَرَّةً جَعَلَهُ لِلصَّلَاةِ الْأَخِيرَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْعَصْرِ فَقَالَ هُوَ مِقْدَارُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَجَعَلَ آخِرَ هَذَا الْوَقْتِ مِقْدَارَ رَكْعَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.

وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَجَعَلَ حُدُودَ أَوَاخِرِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ الْمُشْتَرَكَةِ حَدًّا وَاحِدًا وَهُوَ إِدْرَاكُ رَكْعَةٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَذَلِكَ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَعًا، وَمِقْدَارُ رَكْعَةٍ أَيْضًا قَبْلَ انْصِدَاعِ الْفَجْرِ وَذَلِكَ لِلْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مَعًا، وَقَدْ قِيلَ عَنْهُ بِمِقْدَارِ تَكْبِيرَةٍ: أَعْنِي أَنَّهُ مَنْ أَدْرَكَ تَكْبِيرَةً قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ لَزِمَتْهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ مَعًا. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَوَافَقَ مَالِكًا فِي أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْعَصْرِ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ لِأَهْلِ الضَّرُورَاتِ عِنْدَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يُوَافِقْ فِي الِاشْتِرَاكِ وَالِاخْتِصَاصِ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَعْنِي مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ هَلِ الْقَوْلُ بِاشْتِرَاكِ الْوَقْتِ لِلصَّلَاتَيْنِ مَعًا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمَا وَقْتَيْنِ: وَقْتٌ خَاصٌّ بِهِمَا وَوَقْتٌ مُشْتَرَكٌ؟ أَمْ إِنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّ لَهُمَا وَقْتًا مُشْتَرَكًا فَقَطْ؟ وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْجَمْعَ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فَقَطْ لَا عَلَى وَقْتٍ خَاصٍّ.

وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَاسَ الِاشْتِرَاكَ عِنْدَهُ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ عِنْدَهُ فِي وَقْتِ التَّوْسِعَةِ: أَعْنِي: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِوَقْتِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ الْمُوَسَّعِ وَقْتَانِ، وَقْتٌ مُشْتَرَكٌ وَوَقْتٌ خَاصٌّ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَةِ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُوَافِقُهُ عَلَى اشْتِرَاكِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ التَّوْسِعَةِ، فَخِلَافُهُمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنَّمَا يَنْبَنِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي تِلْكَ الْأُولَى فَتَأَمَّلْهُ، فَإِنَّهُ بَيِّنٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَأَمَّا هَذِهِ الْأَوْقَاتُ: أَعْنِي أَوْقَاتَ الضَّرُورَةِ) ، فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لِأَرْبَعٍ: لِلْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ أَوْ تَحِيضُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَهِيَ لَمْ تُصَلِّ. وَالْمُسَافِرِ يَذْكُرُ الصَّلَاةَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ حَاضِرٌ، أَوِ الْحَاضِرِ يَذْكُرُهَا فِيهَا وَهُوَ مُسَافِرٌ، وَالصَّبِيِّ يَبْلُغُ فِيهَا. وَالْكَافِرِ يُسْلِمُ.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: هُوَ كَالْحَائِضِ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَوْقَاتِ ; لِأَنَّهُ لَا يَقْضِي عِنْدَهُمُ الصَّلَاةَ الَّتِي ذَهَبَ وَقْتُهَا.

وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْضِي الصَّلَاةَ فِيمَا دُونَ الْخَمْسِ، فَإِذَا أَفَاقَ عِنْدَهُ مِنْ إِغْمَائِهِ مَتَى مَا أَفَاقَ قَضَى الصَّلَاةَ.

وَعِنْدَ الْآخَرِينَ أَنَّهُ إِذَا أَفَاقَ فِي أَوْقَاتِ الضَّرُورَةِ لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي أَفَاقَ فِي وَقْتِهَا، وَإِذَا لَمْ يُفِقْ فِيهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الصَّلَاةُ، وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا طَهُرَتْ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ الَّتِي طَهُرَتْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>