للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فُرُوعٌ]

شَهِدَا أَنَّهُ حَرَّرَ أَمَةً بِعَيْنِهَا وَسَمَّاهَا فَنَسِيَا اسْمَهَا لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِمَا تَحَمَّلَاهُ وَهُوَ عِتْقُ مَعْلُومَةٍ بَلْ مَجْهُولَةٍ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى طَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَسَمَّاهَا فَنَسِيَاهَا. وَعِنْدَ زُفَرَ تُقْبَلُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا كَقَوْلِ زُفَرَ فِي هَذِهِ لِأَنَّهَا كَشَهَادَتِهِمَا عَلَى عِتْقِ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ، وَلَوْ شُهِدَ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا وَلَا يَعْرِفُونَ سَالِمًا وَلَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ اسْمُهُ سَالِمٌ عَتَقَ لِأَنَّهُ كَانَ مُعَيَّنًا لِمَا أَوْجَبَهُ، وَكَوْنُ الشُّهُودِ لَا يَعْرِفُونَ عَيْنَ الْمُسَمَّى لَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ، كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْعِتْقِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْعَبْدَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا بِبَيْعِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ كُلُّ وَاحِدٍ اسْمُهُ سَالِمٌ وَالْمَوْلَى يَجْحَدُ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَى لِقَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ، وَلَا تَتَحَقَّقُ هُنَا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا فَصَارَتْ كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْخِلَافِيَّةِ. .

[وَهَذَا فَصْلٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِتْقِ] إذَا ادَّعَى الْعَبْدُ الْعِتْقَ وَأَقَامَ شَاهِدًا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْلَى، وَفِي الْأَمَةِ إذَا قَالَتْ: شَاهِدِي الْآخَرُ حَاضِرٌ يُحَالُ، وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ شَاهِدَيْنِ إنْ كَانَ الْمَوْلَى مَخُوفًا عَلَى الْعَبْدِ حِيلَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يُنْظَرَ فِي أَمْرِ الشُّهُودِ لِأَنَّ الْحُجَّةَ تَمَّتْ ظَاهِرًا حَتَّى لَوْ قُضِيَ بِشَهَادَتِهِمَا نَفَذَ فَثَبَتَتْ بِهِ الْحَيْلُولَةُ احْتِيَاطًا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَاخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ أَوْ الْمَكَانِ أَوْ اللَّفْظِ أَوْ اللُّغَةِ أَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ قَوْلٌ يُعَادُ وَيُكَرَّرُ فَلَا يَلْزَمُ اخْتِلَافَ الْمَشْهُودِ بِهِ اخْتِلَافُ الشَّهَادَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ وَهَبَهُ نَفْسَهُ لِاخْتِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَضْعًا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ تَمْلِيكٌ وَالْإِعْتَاقَ إحْدَاثُ الْقُوَّةِ أَوْ إزَالَةُ الْمِلْكِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، فَيُحْمَلُ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي اللَّفْظِ لَا يَمْنَعُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُؤَدَّى اللَّفْظَيْنِ وَاحِدًا وَضْعًا.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ لِقَبُولِهَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ لَفْظًا مِنْ أَنَّ الْعِتْقَ لَفْظٌ يُعَادُ وَيُكَرَّرُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ وَهَبَهُ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ يُقْبَلُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الشَّرْطِ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الْعِتْقَ فَأَحَدُهُمَا جَعَلَهُ كَلَامَ زَيْدٍ وَالْآخَرُ الدُّخُولَ مَثَلًا لَمْ يَجُزْ، إذْ لَا يَتَمَكَّنُ الْقَاضِي مِنْ الْقَضَاءِ بِوَاحِدٍ مِنْ الشَّرْطَيْنِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ الدُّخُولُ مَثَلًا وَقَالَ الْمَوْلَى بَلْ كَلَامُ فُلَانٍ فَأَيَّهمَا فَعَلَ فَهُوَ حُرٌّ لِثُبُوتِ الدُّخُولِ شَرْطًا بِالشَّهَادَةِ وَالْكَلَامِ بِقَوْلِ الْمَوْلَى.

وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِجُعْلٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ جُعْلٍ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّ الْعِتْقَ بِجُعْلٍ يُخَالِفُ الْعِتْقَ بِغَيْرِ جُعْلٍ فِي الْأَحْكَامِ، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْجُعْلِ وَالْمَوْلَى يُنْكِرُ الْجُعْلَ سَوَاءٌ ادَّعَى الْعَبْدُ أَقَلَّ الْمَالَيْنِ أَوْ أَكْثَرَهُمَا. وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى يَدَّعِي أَقَلَّ الْمَالَيْنِ وَالْعَبْدُ يُنْكِرُ عَتَقَ لِإِقْرَارِ الْمَوْلَى بِحُرِّيَّتِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِإِكْذَابِهِ أَحَدَ شَاهِدَيْهِ وَهُوَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ بِالْأَكْثَرِ، وَإِنْ ادَّعَى الْعِتْقَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَأَحَدُهُمَا يَشْهَدُ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ قُضِيَ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَقُومُ هُنَا عَلَى الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَتَقَ بِإِقْرَارِ الْمَوْلَى وَإِنَّمَا تَقُومُ عَلَى الْمَالِ، وَمَنْ ادَّعَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ يُقْضَى بِأَلْفٍ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْأَلْفِ لَفْظًا وَمَعْنًى، بِخِلَافِ الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ إنْ كَلَّمَ زَيْدًا وَالْآخَرُ إنْ دَخَلَ بِأَيِّهِمَا فَعَلَ عَتَقَ لِثُبُوتِ كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيقَيْنِ بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ.

وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى فِي مِقْدَارِ مَا أَعْتَقَهُ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَوْلَى لِإِثْبَاتِهَا الزِّيَادَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>