للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: (وَقِيمَةُ وَلَدِهَا)؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَغْرُورِ حَيْثُ إنَّهُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ كَسْبُ كَسْبِهِ فَلَمْ يَرْضَ بِرِقِّهِ فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ (وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةً كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ (وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمَكَاتِبُ فِي النَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ)؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ (فَلَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ)؛ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ وَزَوَالِ حَقِّ الْمُكَاتَبِ إذْ هُوَ الْمَانِعُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

سَيِّدِ أَمَةٍ لَا يُصَحِّحُ اسْتِيلَادَ صَاحِبِ الدَّيْنِ فَلَقَدْ تَنَاوَلَهُ مِنْ مَكَان بَعِيدِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. (قَوْلُهُ: وَقِيمَةُ وَلَدِهَا) عَطْفٌ عَلَى عُقْرِهَا: أَيْ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ (لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَغْرُورِ حَيْثُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ) أَيْ الْجَارِيَةَ بِتَأْوِيلِ الشَّخْصِ (كَسْبُ كَسْبِهِ فَلَمْ يَرْضَ بِرِقِّهِ) حَيْثُ اعْتَمَدَ دَلِيلًا يُوجِبُ حُرِّيَّتَهُ (فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ) كَمَا أَنَّ الْمَغْرُورَ بِشِرَاءِ أَمَةٍ اسْتَوْلَدَهَا فَاسْتُحِقَّتْ اعْتَمَدَ دَلِيلًا هُوَ الْبَيْعُ فَجُعِلَ عُذْرًا فِي حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنَّ قِيمَةَ الْوَلَدِ هُنَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ وُلِدَ، وَقِيمَةُ وَلَدِ الْمَغْرُورِ يَوْمَ الْخُصُومَةِ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعُلُوقَ هُنَا حَصَلَ فِي مِلْكٍ لِمَوْلَى وَهُوَ مُقْتَضٍ ثُبُوتَ نَسَبِهِ بِحَقِّ مِلْكِهِ لِمَالِكِهَا إنَّهُ مَحْجُورٌ بِحَجْرٍ شَرْعِيٍّ عَنْهَا فَشَرْطٌ تَصْدِيقُهُ، فَإِذَا جَاءَ التَّصْدِيقُ صَحَّتْ الدَّعْوَى وَثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا فِي أَقْرَبِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ، وَأَمَّا الْمَغْرُورُ فَضَمَانُهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ حَبَسَهَا عَنْ صَاحِبِهَا تَقْدِيرًا فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحَبْسِ، وَتَحَقُّقُ هَذَا الْحَبْسِ وَالْمَنْعِ إنَّمَا يَكُونُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمَهَا.

(ثُمَّ لَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةً كَمَا فِي أُمِّ وَلَدِ الْمَغْرُورِ) الْمَبِيعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ لَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَا تَنَاقُضَ بَيْنَ قَوْلِهِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنَّ مَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الِاسْتِيلَادِ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ وَصِحَّتُهُ بِثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَأَمَّا ثُبُوتُ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ لِلْأُمِّ فَإِنَّمَا هُوَ لَازِمٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ أَكْثَرُهَا دُونَ بَعْضٍ وَلَيْسَ عَيْنًا لِيَلْزَمَ نَفْيَ مَا أَثْبَتَهُ، ثُمَّ إذَا مَلَكَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ فِي النَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْ الْمَوْلَى لِمَا بَيَّنَّا) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي أَكْسَابِ مُكَاتَبِهِ (فَلَوْ مَلَكَهُ) أَيْ لَوْ مَلَكَ الْوَلَدَ (يَوْمًا) مِنْ الدَّهْرِ (ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) وَكَانَ وَلَدًا لَهُ (لِقِيَامِ الْمُوجِبِ) وَهُوَ إقْرَارُهُ بِالِاسْتِيلَادِ، وَزَوَالُ الْمَانِعِ وَهُوَ حَقُّ الْمُكَاتَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>