للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(كِتَابُ السِّيَرِ) السِّيَرُ جَمْعُ سِيرَةٍ، وَهِيَ الطَّرِيقَةُ فِي الْأُمُورِ، وَفِي الشَّرْعِ تَخْتَصُّ بِسِيَرِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي مَغَازِيهِ.

ــ

[فتح القدير]

عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْرِفُونَ مَكَانَهُمْ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهِمْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ؛ لِأَنَّ الْقِتَالَ لِلِاسْتِرْدَادِ لِلرَّدِّ عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ وَلَا قُدْرَةَ عَلَى الرَّدِّ، وَلَوْ اقْتَتَلُوا مَعَ قَاطِعٍ فَقَتَلُوهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوهُ لِأَجْلِ مَالِهِمْ، فَإِنْ فَرَّ مِنْهُمْ إلَى مَوْضِعٍ أَوْ تَرَكُوهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَيْهِمْ فَقَتَلُوهُ كَانَ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُمْ قَتَلُوهُ لَا لِأَجْلِ مَالِهِمْ، وَكَذَا لَوْ فَرَّ رَجُلٌ مِنْ الْقُطَّاعِ فَلَحِقُوهُ وَقَدْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِي مَكَانٍ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى قَطْعِ الطَّرِيقِ فَقَتَلُوهُ كَانَ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ إيَّاهُ لَا لِأَجْلِ الْخَوْفِ عَلَى الْأَمْوَالِ،

وَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَ مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا وَيَقْتُلَ مَنْ يُقَاتِلُهُ عَلَيْهِ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» .

[كِتَابُ السِّيَرِ]

أَوْرَدَ الْجِهَادَ عَقِيبِ الْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ نَاسَبَهَا بِوَجْهَيْنِ بِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا وَمِنْ مَضْمُونِ هَذَا الْكِتَابِ، وَهُوَ إخْلَاءُ الْعَالَمِ مِنْ الْفَسَادِ، وَبِكَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا حَسُنَ لِحُسْنِ غَيْرِهِ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ، وَهُوَ إعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَتَأَدَّى بِفِعْلِ نَفْسِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَهُوَ الْقِتَالُ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ عَنْهَا لِوَجْهَيْنِ: كَوْنُ الْفَسَادِ الْمَطْلُوبِ الْإِخْلَاءُ عَنْهُ بِالْجِهَادِ أَعْظَمَ كُلِّ فَسَادٍ وَأَقْبَحَهُ، وَالْعَادَةُ فِي التَّعَالِيمِ الشُّرُوعُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ التَّرَقِّي مِنْ الْأَدْنَى إلَى مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ، وَكَوْنُهُ مُعَامَلَةً مَعَ الْكُفَّارِ، وَالْحُدُودُ مُعَامَلَةٌ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَقْدِيمُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ أَوْلَى. وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَهُ مُنَاسَبَةً خَاصَّةً بِالْعِبَادَاتِ، فَلِذَا أَوْرَدَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَقِيبَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ بِخِلَافِ النِّكَاحِ (وَالسِّيَرُ جَمْعُ سِيرَةٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>