للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَتَا أَمَتَيْنِ أُخْتَيْنِ».

إلَى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ الْإِسْكَنْدَرِيَّة فَجِئْتُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ Object فَأَنْزَلَنِي فِي مَنْزِلِهِ فَأَقَمْت عِنْدَهُ ثُمَّ بَعَثَ إلَيَّ وَجَمَعَ بَطَارِقَتَهُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَهَذِهِ هَدَايَا أَبْعَثُ بِهَا مَعَك إلَى مُحَمَّدٍ، فَأَهْدَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ Object ثَلَاثَ جِوَارٍ مِنْهُنَّ أُمُّ إبْرَاهِيمَ بْنِ رَسُولِ اللَّهِ Object: وَاحِدَةٌ وَهَبَهَا لِأَبِي جُهَيْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ الْعَدَوِيِّ، وَوَاحِدَةٌ وَهَبَهَا لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ» فَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ وَطُرُقِهِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا أَنَّ الْجَارِيَتَيْنِ كَانَتَا أُخْتَيْنِ وَهُوَ مَوْضِعُ الِاسْتِدْلَالِ.

لَا جَرَمَ ذَكَرَ أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ الْكَلَاعِيُّ فِي كِتَابِ الِاكْتِفَاءِ عَنْ الْوَاقِدِيِّ بِإِسْنَادٍ لَهُ: أَنَّ الْمُقَوْقِسَ أَرْسَلَ إلَى حَاطِبٍ لَيْلَةً إلَى أَنْ قَالَ: فَارْجِعْ إلَى صَاحِبِكَ فَقَدْ أَمَرْت لَهُ بِهَدَايَا وَجَارِيَتَيْنِ أُخْتَيْنِ فَارِهَتَيْنِ وَبَغْلَةٍ مِنْ مَرَاكِبِي وَأَلْفِ مِثْقَالٍ ذَهَبًا وَعِشْرِينَ ثَوْبًا مِنْ لِينٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَرْت لَك بِمِائَةِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ أَثْوَابٍ فَارْحَلْ مِنْ عِنْدِي وَلَا تَسْمَعْ مِنْك الْقِبْطُ حَرْفًا وَاحِدًا فَهَذَا مَعَ تَوْثِيقِ الْوَاقِدِيِّ دَلِيلٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَقَدْ أَسَلَفنَا تَوْثِيقَهُ، وَكَرَّرَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ، وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّبَرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي خَاتِمَةِ مَنَاقِبِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا بَوَّبَ أَبُو دَاوُد لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَذْكُورَاتِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي فِي مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ فَغَزَوْنَا فَنَارَةً، إلَى أَنْ قَالَ: فَجِئْت بِهِمْ إلَى أَبِي بَكْرٍ وَفِيهِمَا امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ، فَنَفَلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَقَدِمْت الْمَدِينَةَ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ Object: يَا سَلَمَةَ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ، فَقُلْت هِيَ لَك، فَفَدَى بِهَا أُسَارَى مَكَّةَ» انْتَهَى مُخْتَصَرًا فَهَذَا التَّفْرِيقُ وَإِنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ لَكِنْ لَا شَكَّ فِي أَنَّ النَّبِيَّ Object عَلِمَهُ وَاسْتَوْهَبَ الْجَارِيَةَ وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَى أُمِّهَا بَلْ أَبْعَدَ دَارَهَا حِينَ فَدَى بِهَا، فَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الدَّلِيلُ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْكَبِيرِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فُرُوعٌ]

إذَا كَانَ مَعَ الصَّغِيرِ أَبَوَاهُ لَا يَبِعْ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُمٌّ وَأَخٌ أَوْ أُمٌّ وَعَمَّةٌ أَوْ خَالَةٌ أَوْ أَخٌ جَازَ بَيْعُ مَنْ سِوَى الْأُمِّ، وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمْ لَا يُبَاعُونَ إلَّا مَعًا اعْتِبَارًا لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ شَفَقَةَ الْأُمِّ تُغْنِي عَمَّنْ سِوَاهَا وَلِذَا كَانَتْ أَحَقَّ بِالْحَضَانَةِ مِنْ غَيْرِهَا، فَهَذِهِ الصُّورَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ اخْتِلَافِ الْجِهَةِ، وَالْجَدَّةُ كَالْأُمِّ فَلَوْ كَانَ مَعَهُ جَدَّةٌ وَعَمَّةٌ وَخَالَةٌ جَازَ بَيْعُ الْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ عَمَّةٌ وَخَالَةٌ لَمْ يُبَاعُوا إلَّا مَعًا لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ مَعَ اتِّحَادِ الدَّرَجَةِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ أَوْ إخْوَةٌ كِبَارٌ، فِي رِوَايَةِ الْأَمَالِي لَا يُبَاعُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ مَنْ سِوَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ؛ لِأَنَّ الشَّفَقَةَ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ السَّبَبُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَبْعَدُ مَعَ الْأَقْرَبِ.

وَعِنْدَ الِاتِّحَادِ فِي الدَّرَجَةِ وَالْجِهَةِ أَحَدُهُمَا يُغْنِي، وَكَذَا لَوْ مَلَكَ سِتَّةَ إخْوَةٍ ثَلَاثَةٌ كِبَارٌ وَثَلَاثَةٌ صِغَارٌ فَبَاعَ مَعَ كُلِّ صَغِيرٍ كَبِيرًا جَازَ اسْتِحْسَانًا، فَلَوْ كَانَ مَعَهُ أُخْتٌ شَقِيقَةٌ وَأُخْتٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ بَاعَ غَيْرَ الشَّقِيقَةِ؛ وَلَوْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ فَصَارَا أَبَوَيْنِ لَهُ ثُمَّ مَلَكُوا جُمْلَةُ الْقِيَاسِ أَنْ يُبَاعَ أَحَدُهُمَا لِاتِّحَادِ جِهَتِهِمَا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ فَاحْتَمَلَ كَوْنَهُ الَّذِي يَبِيعُ فَيَمْتَنِعُ احْتِيَاطًا فَصَارَ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ عَدَدٌ أَحَدُهُمْ أَبْعَدُ جَازَ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانُوا فِي دَرَجَةٍ، فَإِنْ كَانُوا مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَالْأَبِ وَالْأُمِّ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ لَا يُفَرِّقُ، وَلَكِنْ يُبَاعُ الْكُلُّ أَوْ يُمْسِكُ الْكُلَّ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْأَخَوَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>